مختصر حكم الفقهاء في التطبير وسير النساء

مختصر حكم الفقهاء في التطبير وسير النساء



قضيتا التطبير وسير النساء نحو المشاهد المشرفة مشيا على الاقدام من مسائل الفروع , ويختص بمعالجتها الفقه الاسلامي , والذي يقوم عليه الفقهاء العلماء العدول .
ولا ترتبط المسألتان بقضايا الاعتقاد الا بمقدار قربهما من الحكم الشرعي , ولا يعدهما احد من الفقهاء من اصول المذهب الامامي , ولا من قضاياه المحورية .
لذلك عند متابعتي لما يقوم به بعض الروزخونات وبعض العوام من تسقيط العلماء , على اساس رأيهم في هاتين المسألتين , لم ينقض مني التعجب , وعرفتُ ان وراء الأكمة ما ورائها . والظاهر الارجح ان التعامل في هاتين المسألتين لم يعد مقصورا على الفقه والحكم الشرعي والجواز من عدمه , بل انتقلت المسألتين – خصوصا التطبير – لتكونا مدعاة لثلب العلماء الفقهاء العدول , وتنقيص اصحاب الفكر في المذهب الشريف , سواءا كانوا مجتهدين ام مفكرين . والمثير للاستغراب والاستهجان معا ان الكثير من هؤلاء المنتقصين من فقهاء المذهب بأسم الشعائر الحسينية ليس لديهم من التأريخ الشخصي ما يسمح بذلك , وبعضهم فحصت تأريخه شخصيا , فمنهم من تم سجنه في جمهورية ايران الاسلامية بتهمة الانحراف العقائدي والسلوك المشين بحق اهل البيت عليهم السلام , وآخر دخل مستشفى الامراض العصبية سنة 94 , وبعضهم تم تنبيهه من قبل اساتذته في الحوزة العلمية بسبب آراءه المنحرفة عن جادة الصواب , وبعضهم مطلوب للقضاء ومتهم بالعمالة لدول غربية وبذاءة اللسان , والكثير منهم ينتمون للخط الصنمي المتحجر المسيء لأشرف وانبل وخير رجال المذهب الشريف . فكيف صار امثال هؤلاء هم من يقيم آراء الفقهاء واوامرهم , انها لمصيبة ما بعدها مصيبة .
ثم ان بعض ما رأينا من المواكب المبتدعة , وهي ترتدي زي النساء , وتخمش الخدود بالاظافر , على نحو تأباه الوحوش , وما سمعنا من عمد بعض المجانين المهووسين بالعاطفة الردية السلبية الى النباح كالكلاب , بداعي التذلل والخضوع للمعصوم , كما يدعون , وهي امور وسلوكيات تنزل بمستوى انصار المعصومين الى الدنيء الرديء من الاحوال , وتقلب حال الرجال الى الهوان , مما يرفضه المعصومون عليهم السلام , موافقة لكتاب الله حين يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) , وكقول المعصوم عليه السلام (لا تذهب بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل ) , وقوله عليه السلام (  شيعتنا من قدّم ما استحسن، وأمسك ما استقبح، وأظهر الجميل، وسارع بالأمر الجليل، رغبة الى رحمة الجليل، فذاك منّا وإلينا ومعنا حيثما كنّا ) , ومشهور ما روي عنهم كذلك من المسموع غير المتبع ولا المطاع (اتّقوا الله، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح) , اقول كل ذلك يستدعي منا نهضة ووقفة , ودفع نوازل هذه الفتنة , وفيها على العالم ان يظهر علمه , والا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين .
لذلك اردت في هذا البحث المختصر تبيان الحقيقة , عبر نقل آراء الفقهاء من المراجع الاحياء , والذين لهم شهرة في الوسط الشيعي , واليهم ينتهي تقليد الامامية في الفقه .
وعليه سنغض الطرف عن باقي المجتهدين غير المراجع , او غير المشهورين , لان المجتهدين كثر , سيما في ايران , ولوجود خلاف في معايير الوصول الى رتبة الاجتهاد بين المدرسة النجفية والمدارس العلمية في ايران .
كما سنحاول ان شاء الله نقل آراء المراجع من الاموات قدس الله اسرارهم , الذين كانت لهم مرجعية كبرى معتد بها , او بصمة واضحة في الفكر الشيعي .
وكان في رغبتي ان انقل فتاوى هؤلاء العلماء نصا , مع المصادر مباشرة , الا ان البحث حينها تجاوز وهو في منتصفه 21 صفحة , فرأيت ذلك غير مناسب , وقررت نقل الآراء دون النصوص , ولمن اراد التأكد مراسلتي لاخذ المصادر . علما اني اعتمدت في الفتاوى على المصادر الالكترونية الاصلية , من مواقع للفقهاء , او روابط لكتبهم مباشرة , وفي بعض الحالات على كتب نقلت عنهم , عاصر مؤلفوها الفقهاء , لكن في حالات اخرى قليلة واجهت مشكلة ان بعض المراجع تكون مواقعهم فقط باللغة الفارسية او انها غير منظمة ومرتبة تسهل عملية البحث وربما ليس لهم مواقع اصلا , لذلك اعتمدت مشهور النقل عنهم .
والهدف : هو ان بعض المتربعين على عروش الشاشات الفضائية راحوا يصورون ان القائل بمنع التطبير وسير النساء دون محرم هو فرد من الفقهاء او فردان , زورا وكذبا , فيما سنكتشف من خلال البحث ان القائلين بالمنع هم من اجلاء الفقهاء , بل غالب المراجع المعاصرين الذين لهم نسبة تقليد معتد بها في الاوساط الشيعية.
الموضوع الاول : التطبير
المقدمة الاولى : ان المرجعيات من الاحياء , في النجف الاشرف التي اليها ينتهي تقليد نسبة معتد بها من جمهور الشيعة هم ( الشيخ محمد اليعقوبي , السيد علي السيستاني , الشيخ محمد اسحاق الفياض , السيد محمد سعيد الحكيم ) .
وفي كربلاء ( السيد محمد تقي المدرسي ) .
وفي ايران هم ( السيد علي الخامنئي , السيد كاظم الحائري , السيد محمود الشاهرودي , الشيخ ناصر مكارم الشيرازي , الشيخ فاضل اللنكراني , السيد صادق الشيرازي , الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني , الشيخ جوادي آملي , السيد كمال الحيدري , السيد محمد صادق الروحاني , الشيخ حسين نوري الهمداني ) , ونضيف ( الشيخ مهدوي كني ) رئيس تجمع العلماء و رئيس مجلس خبراء القيادة في ايران .
المقدمة الثانية : ان المرجعيات الكبرى تقليدا او اثرا في الساحة الشيعية من الاموات , خلال القرن المنصرم – منذ دخول التطبير للعراق سنة 1919 – هي كالاتي : ( الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء , السيد ابو الحسن الاصفهاني , الشيخ مرتضى الانصاري , السيد محسن الحكيم , السيد ابو القاسم الخوئي , السيد محمد باقر الصدر , الشيخ عبد الكريم الحائري , الشيخ محمد حسين النائيني , السيد عبد الاعلى السبزواري  , السيد روح الله الخميني , السيد محمد محمد صادق الصدر , الشيخ حسين المنتظري , الشيخ علي الغروي , السيد محمد حسين فضل الله , السيد محسن الامين العاملي , السيد محمد الشيرازي , الشيخ جواد التبريزي , شهاب الدين المرعشي النجفي , السيد موسى الصدر , الشيخ محمد مهدي شمس الدين , السيد محمد الشيرازي ,  السيد عبد الحسين شرف الدين  , السيد محمد مفتي الشيعة , السيد هبة الدين الشهرستاني , فقهاء آل المظفر) . وذلك حسب استقصائي الشخصي .
المقدمة الثالثة : يجب علينا - كشيعة امامية - الرجوع في الحوادث الواقعة الى المراجع الفقهاء , وبقراءة فتاوى المراجع في مسألة ( التطبير ) يمكننا تقسيمهم الى مجموعات :
1 – القائلين بالحرمة وعدم الجواز : وهم من الاحياء (الشيخ محمد اليعقوبي , السيد علي الخامنئي , السيد كاظم الحائري , السيد محمود الشاهرودي , الشيخ ناصر مكارم الشيرازي , الشيخ فاضل اللنكراني , الشيخ جوادي آملي , الشيخ حسين نوري الهمداني ) .
وهناك جملة كبيرة جدا من المجتهدين الاحياء القائلين بالحرمة , لم اتثبت من مرجعيتهم , في مدى اتساعها , لذلك لم اذكرهم , معتذرا منهم ومن القارئ , فجهدي شخصي , وهو قاصر بطبيعة الحال .
ومن الاموات قدس الله اسرارهم (السيد ابو الحسن الاصفهاني , السيد محمد باقر الصدر , السيد روح الله الخميني , السيد محمد حسين فضل الله , السيد محسن الامين العاملي , السيد موسى الصدر , الشيخ محمد مهدي شمس الدين ) .
2 – القائلون بالاستحباب , من الاحياء ( السيد صادق الشيرازي ) .
ومن غريب الاستفتاءات التي ينقلها ( موقع ملتقى البحرين ) عن سماحة السيد صادق الشيرازي – ولا اعلم مدى صحة النسبة اليه – هو التالي : (السؤال: هل التطبير أفضل أم التبرع بالدم دعما للمجاهدين في جنوب لبنان و الشعب الفلسطيني المظلوم؟
الجواب: التطبير من الشعائر الحسينية التي قال باستحبابها المراجع الكبار، و هو أفضل ).
و (السيد محمد صادق الروحاني ) .
ومن الاموات – حسب فهمي الشخصي للمنقول من مواقفهم – هم (فقهاء آل المظفر ) , و ( السيد عبد الحسين شرف الدين ) , مع عدم تثبتي من رأيهم في حالة وقوع الضرر او الوهن .
3 – القائلون بالاستحباب بشروط عدم الضرر اوعدم التسبب بوهن المذهب والدين , من الاحياء ( السيد محمد تقي المدرسي ) . ومن الاموات ( السيد محمد الشيرازي , السيد عبد الأعلى السبزواري ) .
4 – القائلون ( الجواز واللاجواز ) , بمعنى بشروط عدم الضرر او عدم وهن المذهب والدين او مساوئ اخرى .
وهؤلاء يتبنون فكرة يستندون اليها كقاعدة تتلخص في ( ان واجب الفقيه تحديد الاحكام المفهومية , وعلى المكلف تشخيص المصاديق ) .
فتكون فتاواهم حينئذ قابلة لوجهي ( الجواز وعدم الجواز ) , بمعنى ان الفقيه يجيب ( جائز , ولكن بشرط عدم ... ) , لكنه لا يخبر المستفتي ( هل ان شروط المنع والحرمة موجودة على ارض الواقع ام لا ) , ويمكن قراءة الفتوى من زاوية اخرى ( غير جائز , اذا ثبت ضرره او سبب الوهن للمذهب او اساء للدين ) . فيأخذ العوام الفتاوى المبنية على هذه الصيغة حسب فهمهم واهوائهم . وهي لاشك طريقة سلبية , تتسبب في ارتباك كبير في الشارع الشيعي , يتحمل الفقهاء وزرها , وكذلك يتحمل العوام جزءا كبير من وزر وجودها , بسبب تقبل المجتمع الشيعي لهذا النوع من الفتاوى . لكن يعتبر الكثير من الفقهاء ان هذه الطريقة التوروية في الاجابة بمثابة درع وحماية لهم عن مواجهة العوام من الناس , ودفعا لمقدمات التسقيط التي من الممكن ان يتعرضوا لها ان خالفوا بعض عادات العوام , كما حدث مع غيرهم من الفقهاء كالسيد الاصفهاني والسيد الامين والسيد فضل والشيخ اليعقوبي . ولم يشذ عن هؤلاء الفقهاء الا الفاضل اللنكراني حين قال (  التطبير فلاإشكال فيه في نفسه، لكن الأنسب في هذه الظروف تركه ) , فهو شخص المصداق , ليفتي بالحرمة للعنوان الثانوي .
ومن الاحياء الواقعون ضمن هذه المجموعة ( السيد علي السيستاني , السيد كمال الحيدري , الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني ) .
مع ملاحظة ما يلي :
أ – ان السيد علي السيستاني اصدر بيانا رسميا , يكذب فيه ادعاء الشيخ ( عبد العظيم المهتدي البحراني ) في كتابه حول التطبير , بان السيد السيستاني بارك عمل احد صانعي قامات التطبير , ونفى مكتب السيد السيستاني حدوث ذلك واكد بان الواقعة لا اساس لها من الصحة .
ب – ان الشيخ لطف الله الصافي استثنى بقوله : ما يصحّ في مكان قد لا يصحّ في مكان آخر؛ وينبغي أن يتوفّر في ذلك شرطان: الأول: أن لا يكون ذلك سبباً لنقض أهداف الثورة الحسينية؛ الثاني: أن لا يكون في ذلك مخالفة شرعية.
وهذه قرائن على رفضهم لهذه الممارسات بوصفهم افرادا شخصوا مصاديق الحرمة لانفسهم .
ومن الاموات (الشيخ عبد الكريم الحائري , الشيخ محمد حسين النائيني , الشيخ مرتضى الانصاري  , السيد عبد الاعلى السبزواري , علي الغروي , شهاب الدين المرعشي النجفي ) و ( الشيخ حسين المنتظري ) حسب القرائن الواردة في المنقول عنه هو من هذه المجموعة , رغم اني لم اعثر على نص فتواه .
ملاحظة مهمة : يقع تحت هذه المجموعة الكثير من المجتهدين الذين لم نذكر اسمائهم في الاحياء و لا الاموات , والمستند اليهم في جواز التطبير , خصوصا في ايران , لان فتاواهم كانت ( امضاء ) لفتوى ( الشيخ النائيني ) .
مع ملاحظة ان بعضهم اضاف معلقا : (ولكن يستلزم النصيحة لمحبي أهل بيت العصمة و الطهارة في العصر الحاضر أن يطلعوا بإطلاع تام على خطط أعداء الدين السوءة و مؤامرة الأجانب و أن يمتنعوا عن الأعمال التي ليست في شأن العزاء لكي لا يؤدي إلى ما يوجب الإقلال من عظمة مدرسة حضرة سيد الشهداء عليه السلام و روح العالمين له الفداء و لا يحبط الأعمال الحسنة ) , وهذا التعبير للسيد ( مفتي الشيعة ) , لكن هناك تعابير عديدة مشابهة لتعبيره , لم نوردها فتكون تكرارا .
5 – الآراء الخاصة , وهي فتاوى تقع ضمن المجموعة ( 4 ) , لكنها تختلف عما سبقها من حيث قولها ب( الجواز واللاجواز ) تحت شروط باضافة تفاصيل اكثر تحديدا وبيانا . وكالتالي :
أ – القول بالجواز بشرط عدم الضرر وعدم توهين المذهب وعدم الاشتمال على المحرمات , لكن ( التطبير ) لم يثبت بنص شرعي .
وهو رأي ( السيد محمد سعيد الحكيم ) من الاحياء . و ( السيد ابو القاسم الخوئي ) , وهو من الاموات.
ب - القول بالجواز بشرط عدم الضرر وعدم توهين المذهب وعدم الاشتمال على المحرمات , لكن ( التطبير ) لا يدخل ضمن مفهوم ( الجزع ) المندوب في مواساة اهل البيت عليهم السلام .
وهو رأي ( الشيخ محمد اسحاق الفياض ) من الاحياء.
مع تنبيه مهم للشيخ الفياض حول تطبير رأس الاطفال : (سؤال : هل للأب ولاية على الولد الصغير بأن يجرح رأس ولده حتى خروج الدم (التطبير) في اليوم العاشر من المحرم ؟ و ماذا لو كان الولد صغيراً جداً؟
الجواب: لا يجوز للولي ذلك ، وليس له ولاية جرح رأسه وإخراج الدم منه ) .
و (الشيخ الميرزا جواد التبريزي ) من الاموات.
ج - القول بالجواز بشرط عدم الضرر وعدم توهين المذهب وعدم الاشتمال على المحرمات , لكن مع ذلك ( التطبير ) يصح في اماكن ولا يصح في اخرى بمعنى هو ( راجح ) مرة , و ( مرجوح ) اخرى .
ومن الاحياء القائلون بهذا الرأي ( السيد محمد سعيد الحكيم ) .
مع ملاحظة : ان فتواه تنقل غالبا مبتورة , لخداع الناس انه يقول بالاستحباب , فيما تتمة الفتوى كالاتي (ولكنها قد تكون مرجوحة أو محرمة لعنوان ثانوي كلزوم الضرر الخاص أو العام ، المادي أو المعنوي ، بمراتبه المختلفة ، ونحو ذلك مما لا ينضبط ، وهو يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، كما يختلف باختلاف وجهات النظر ) .
و هو رأي ( الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني ) و ( السيد كمال الحيدري ) من الاحياء ايضا .
د – القول بالحرمة حسب القاعدة مع امكانية الجواز . بمعنى ان ( مقتضى القواعد الشرعية حرمة التطبير ) لكن لا يستبعد الجواز بمعونة ادلة اطلاق الروايات وغيرها .
وهو رأي ( الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ) , وهو من الاموات .
ه – القائلون بالجواز مع افضلية ترك التطبير وتجنبه . وهو قول (السيد محمد مفتي الشيعة ) من الاموات .
6 – وجود فتوتين , احداهما ( تحرم ) والاخرى ( تجوز ) .
وهذه الحالة يقع ضمنها ( السيد محسن الحكيم ) و ( السيد محمد محمد صادق الصدر ) .
7 – فتاوى من يعتقد بولاية الفقيه المطلقة , التي ربما يفهم منها الحكم الولائي الواجب .
وهم ( السيد علي الخامنئي, الشيخ محمد اليعقوبي , السيد كاظم الحائري ) من الاحياء . ومن الاموات (السيد محمد باقر الصدر , السيد روح الله الخميني , السيد محمد حسين فضل الله , السيد محمد الصدر ) .
ومن هؤلاء الثمانية سبعة يقولون ب( الحرمة ) , هم (السيد محمد باقر الصدر , السيد روح الله الخميني , السيد علي الخامنئي , السيد محمد حسين فضل الله , السيد محمد الصدر , الشيخ محمد اليعقوبي , السيد كاظم الحائري ).
والواضح ان جميع الاحياء يقولون ب( الحرمة ) .
فيما يقع واحد منهم ضمن المجموعة ( 6 ) وهو ( السيد محمد محمد صادق الصدر ) , وهو من الاموات.
المقدمة الرابعة : مناقشة فتوى ( الشيخ محمد حسين النائيني ) , والتي يستند اليها دعاة ( التطبير ) للاستدل على جوازه , ويكثرون من نقلها , وهي التي يُدعى موافقة الكثير من الفقهاء على محتواها .نص الفتوى :
( بسم الله الرحمن الرحيم , إلى البصرة وما والاها: بعد السلام على إخواننا الاماجد العظام أهالي القطر البصري ورحمة الله وبركاته. قد تواردت علينا في (الكرادة الشرقية) برقياتكم وكتبكم المتضمنة للسؤال عن حكم المواكب العزائية وما يتعلق بها، إذ رجعنا بحمده سبحانه إلى النجف الأشرف سالمين، فها نحن نحرر الجواب عن تلك السؤالات ببيان مسائل:
الأولى: خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها إلى الطرق والشوارع مما لا شبهة في جوازه ورجحانه وكونه من أظهر مصاديق ما يقام به عزاء المظلوم.
وأيسر الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية إلى كل قريب وبعيد، لكن اللازم تنزيه هذا الشعار العظيم عما لا يليق بعبادة مثله من غناء أو استعمال آلات اللهو والتدافع في التقدم والتأخر بين أهل محلّتين، ونحو ذلك، ولو اتفق شيء من ذلك، فذلك الحرام الواقع في البين هو المحرّم، ولا تسري حرمته إلى الموكب العزائي، ويكون كالناظر إلى الأجنبية حال الصلاة في عدم بطلانها.
الثانية: لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حدّ الاحمرار والاسوداد، بل يقوي جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً. وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم، ونحو ذلك، كما يعرفه المتدربون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكون ذلك موجباً لحرمته ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبين ضرره منه، لكن الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية، ثبّتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
الثالثة: الظاهر عدم الإشكال في جواز التشبيهات والتمثيلات التي جرت عادة الشيعة الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكاء منذ قرون وإن تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى فإنّا وإن كنا مستشكلين سابقاً في جوازه وقيدنا جواز التمثيل في الفتوى الصادرة منا قبل أربع سنوات لكنا لما راجعنا المسألة ثانياً اتضح عندنا أن المحرم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان خروجاً عن زي الرجال رأساً وأخذاً بزي النساء دونما إذا تلبس بملابسها مقدراً من الزمان بلا تبديل لزيه كما هو الحال في هذه التشبيهات، وقد استدركنا ذلك أخيراً في حواشينا على العروة الوثقى.
نعم يلزم تنزيهها أيضاً عن المحرمات الشرعية، وإن كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها إلى التشبيه، كما تقدم.
الرابعة: الدمّام المستعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا إلى الآن حقيقته فإن كان مورد استعماله هو إقامة العزاء وعند طلب الاجتماع وتنبيه الراكب على الركوب وفي الهوسات العربية نحو ذلك ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسرور، وكما هو المعروف عندنا في النجف الأشرف فالظاهر جوازه، والله العالم.
5 ربيع الأول سنة 1345هـ حرره الأحقر محمد حسين الغروي النائيني ) .
وهنا نلاحظ موارد :
المورد الاول : ان الشيخ النائيني لم يتردد في اجابته حول ( جواز اللطم ) , وقرر انه لا اشكال فيه . لكنه وجد صعوبة كبيرة في تقرير جواز ( التطبير ) , ففرزه عن ( حكم اللطم ) , بعبارة ( اما ) , التي يفهم معنى وقوعها هنا اهل العربية , واجاب بمستوى اقل استقرارا , وهو (الأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً ) و (الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية ) , وهو حكم لا يجوز فيه كل هذا ( التطبيل ) للفتوى والتغني بها .
المورد الثاني : ان الشيخ النائيني قدس سره لم يتطرق الى قضية توهين المذهب والاساءة لسمعة الدين , لانه كما هو ظاهر حكم فيما يتعلق بالفرد , فيما تطرق الفقهاء اللاحقون لهذه القضية , وجعلوها من شروط الجواز , سيما خريجو مدرسة الشيخ النائيني نفسها .
المورد الثالث : ان الشيخ النائيني فقيه من الفقهاء , ومرجع لعصره الذي كان فيه , وعلى الشيعة ان يرجعوا في كل زمان الى مراجعهم الاحياء الجامعين لشرائط التقليد , من العلم والعدالة والكفاءة .

المقدمة الخامسة : مناقشة الاستدلال بفتوى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره .
ان فتوى السيد الشهيد الصدر الثاني حول التطبير لا تجوز للصدريين اليوم التطبير , لماذا ؟ :
لانها صدرت في بداية مرجعيته , ومنه نفهم انه لم يرد نقد ممارسة التطبير وفرزه عن الشعائر الاخرى لكي لا يواجه بما تقوم به بعض الجهات اليوم من تسقيط , قبل تثبيت مرجعيته , بقرينة انه ينتمي الى مدرسة السيد محمد باقر الصدر غير المجوزة , وزامل مدرسة السيد الحائري غير المجوزة , وافرز مدرسة الشيخ محمد اليعقوبي غير المجوزة . يعضد ذلك استفتاء ( المنع من التطبير ) , الذي يُنقل عن استفتاء ( البغدادي ).
ثم ان السيد الشهيد الصدر قدس ذكر في رسالته العملية ان للباقي على تقليده بعد وفاته ان يعمل بما ( عمل ) به من المسائل اثناء حياته , لا ما علم منها , وبالتالي ان كل شخص لم يطبر في حياة السيد الشهيد الصدر يجب عليه الرجوع في مسألة التطبير للحي الاعلم , وهم حسب المشهور الصدري اليوم ( الشيخ محمد اليعقوبي والسيدان كاظم الحائري ومحمود الهاشمي ) , وجميعهم ( لا يجوزون التطبير ).
اما بالنسبة لمن قلد السيد الشهيد الصدر ( ابتداء ) بعد استشهاده , وهم كثيرون اليوم , فيجب عليهم ( الرجوع الى الحي ) دون ادنى شك , وقبل ذلك تصحيح تقليدهم , ف( لا يجوّز ) تقليد السيد الشهيد الصدر من الاحياء ( ابتداء ) الا الشيخ محمد اليعقوبي , لذلك وجب الرجوع اليه في مسألة التطبير , وهو لا يجيزها قطعا .
المقدمة السادسة : ( المشي على الجمر ) :
ويمكننا القطع بان كل القائلين بحرمة التطبير قائلون بحرمة المشي على الجمر , كما يسري منهج بعض القائلين بالجواز المشروط في التطبير على هذه المسألة تقريبا .
لماذا نقول بعضهم ؟ , لان منهم من توقف في ( المشي على الجمر ) , رغم جوازه المشروط في ( التطبير ) , كالسيد ( محمد سعيد الحكيم ) , حيث اجاب : (سؤال (7) : يقوم البعض من المؤمنين بممارسة عملية ( السير على الجمر ) ، وذلك يوم عاشوراء ، فما حكم ذلك ؟
الجواب : إن المشي على الجمر ليس من الشعائر المعهودة ، ولا داعي لها ).
اما القائلين باستحباب التطبير فهم قائلون باستحباب ما سايره من الممارسات الوافدة الاخرى , كالمشي على الجمر , تحت غطاء دخولها في الشعائر , والاخيرة مندوبة .
المقدمة السابعة : احكام اخرى للفقهاء تحرم مظاهر عامية في مواكب العزاء :
مثل ((ضرب الناي ولبس المرأة ثوب الرجل , استخدام الطبل والصنج لتنظيم المعزيين , لبس الأكفان في يوم العاشر , النباح كالكلاب خضوعا وتذللا , عمل التماثيل لانسان كامل , قراءة القصائد الحسينية بألحان وأطوار غنائية , وضع الموسيقى مع القصائد العاشورائية , تأخير الصلاة الواجبة , اغلاق الطرق , ازعاج المرضى , الرياء ... ) .
ومن القائلين بذلك بصورة ليست على نحو الجمع , ولكن على نحو القول بالمنع لواحدة او اثنين من الظواهر المذكورة هم :
( الشيخ محمد اسحاق الفياض , السيد كمال الحيدري , السيد محمد سعيد الحكيم , الشيخ لطف الله الصافي , والغالب من الفقهاء , سيما القائلين بحرمة التطبير والمشي على الجمر ) .
مع تنبيه للسيد كمال الحيدري : ( المسألة : أيهما أفضل تقديم الطعام في المجالس الحسينية أم إرسال قيمة الطعام إلى الأيتام والأرامل؟
الــجواب : هذه المسألة راجعة للظروف الزمانية والمكانية ، وهي تختلف من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر ، فإن كان بذل الطعام وإقامة المجالس الحسينية في زمان أو بلد مهما جداً قُدم على غيره من أفعال البر ، وإن لم يكن مهما ، ولو لوجود باذلين آخرين، فالأولى صرفه في مورد أهم ).
المقدمة الثامنة : وقوع ( الوهن ) في المذهب الشريف وهتكه والاساءة للدين بسبب ظاهرة ( التطبير ) , وبالتالي على شرط غالب الفقهاء ( تحرم ) ممارسته :
ان المراجع القائلين بالجواز يشترطون عدم تسبيب التطبير لوهن المذهب ولا الاضرار , اما الاضرار فقد وقع كثيرا , وشهدت بنفسي موت اثنين من المطبرين في مدينتي , احدهما من مرضى السكر , حيث لم ينقطع نزف الدم حتى مات . واما ( الوهن والهتك والاساءة ) فواقعة بدليل ان اشد ما يتم نقد المذهب الشريف على اساسه اليوم هو التطبير , من قبل المخالفين دينيا ومذهبيا , وهذا وقوع آخر للوهن .
ثم ان تسبب التطبير بالفتنة بين ابناء المذهب اجلى مصاديق الوهن , كما ان تناول الروزخونات والرواديد للمراجع المجتهدين بالنقد والسخرية والتسقيط وهنا ما بعده وهن . فهذا النكرة في عالم التشيع ( ياسر الحبيب ) يقول عن الشيخ الوائلي رحمة الله عليه بانه ( فاسق ) , ويتهم المراجع الآخرين بالانحراف , لان الجميع انتقد التطبير , فاي وهن ينتظره المحرمون بناءا على وقوع الوهن .
ثم ان تحديد وقوع الوهن والهتك يمكن ان تتلاعب به اهواء واوهام العوام , لذلك يرجع فيه الى أعلام المذهب وقادته ورجالاته ومفكريه . وقد شهد بوقوعه : ( الشيخ محمد اليعقوبي , السيد كاظم الحائري , السيد علي الخامنئي , السيد محمد حسين فضل الله , الشيخ محمد مهدي شمس الدين , الشيخ مهدوي كني , السيد محمد باقر الحكيم , السيد محسن الامين العاملي , السيد مرتضى العسكري , الشيخ فاضل المالكي , الشيخ عيسى قاسم , الشيخ احمد الوائلي , الشهيد الشيخ مرتضى مطهري , السيد حسن نصر الله , الشيخ حسن الصفار , محمد جواد مغنية , السيد حسن الكشميري , الشيخ حسين الخشن , الشيخ محمد مهدي الآصفي , الشيخ عبد الامير الجمري ... ) . وهي شهادات لا يردها الا اهل الجهالة , فهذه الاسماء من اهم الشخصيات الشيعية التي عملت وتعمل على الساحة الفكرية.
كما ان الاصل الوثني للتطبير اهم نقاط الضعف فيه , فهو جزء من طقس ركضة الآلهة عند الهنود , كما في الرابط
النتيجة المستفادة : ( التطبير ) بدعة وافدة ذات اصل وثني , لم تثبت بنص شرعي , وغير داخلة تحت مفهوم ( الجزع المندوب ) , خارجة عن الشعائر , واذا صحت في مكان فلا تصح في آخر , اقصى ما يستطيع الفقيه ان يقول فيها ( الجواز ) , وفي حالات نادرة جدا ( الاستحباب ) عبر الاستدلال بحجج ضعيفة جدا مبنية على المرسل عن مجهول تم ذكره في مجهول كرواية مسلم الجصاص ( المحمل ) واطلاق روايات الشعائر , وهي ادلة لم تصمد امام نقد الفقهاء القائلين بالحرمة , بل ولم يقتنع بها القائلون بالجواز , وقد تسبب بهتك ووهن المذهب الشريف والاساءة للدين , واصبح مثلبا على الشيعة , كما ادى الى فتنة التنازع , المتصاعدة حاليا , والاستخفاف بالعلماء على السن العوام , بدعم وغطاء من بعض المتكسبين بالمنبر الحسيني , وقد شهد بذلك الغالب والبارز من وجوه وقادة الشيعة اليوم. يقول بحرمته غالب المراجع الكبار الاحياء , ويحكم باستحبابه اثنان منهم , وباستحبابه مع الحذر واحد منهم , وبجوازه المشروط الاقرب للحرمة باقي المراجع الاحياء . وكما هو واضح ان الغالبية من الفقهاء ضده . كما ان كل اصحاب نظرية ولاية الفقيه المتصدين من الاحياء يحرمونه .
الموضوع الثاني : سير النساء لزيارة العتبات المقدسة سيرا على الاقدام لمسافات طويلة :
لقد استثارني جدا ما نشره الشيخ ( محمد سند ) من استدلالات عجيبة , لتجويز سير النساء نحو العتبات المقدسة لمسافات طويلة حين قال في بعض كلامه : (وكذلك خروج الصديقة الكبرى سيدة كل النساء وكل الأمة ، متكرراً للخطبةِ في المسجد النبوي ، ومواجهة أصحاب السقيفة ، وخروج أمير المؤمنين (ع) معها عشرات الليالي على بيوت المهاجرين والأنصار ، لإقامة الحجة عليهم لنصرة الحق ، وكذلك خروجها كل أسبوع لزيارة قبر سيد الشهداء عمها الحمزة (ع) ، وقبور الشهداء ، بل فعلها هذا ، سنةٌ وحجةٌ تقتدي بها المؤمنات . وكذلك خروجها بعد إنتهاء غزوة أُحد مع عمتها صفية، لمداواة جراح النبي (ص) ، وكذلك كانت النساء يخرجن مع النبي (ص) في غزواتهِ لمداواة الجرحى . وكذلك خروج الحسين (ع) مع العقيلة وعيالاته ، فلم يكن ذلك إستثنائياً طارئاً كما قد يتوّهم ، بل هو نهجٌ ومنهاجٌ مغايرٌ لخروج التبرّج ، بل هو سعيٌ عباديٌ للطاعة يراعى فيه الحشمةِ والعفةِ والحجاب .- صحيحة صفوان الجمّال : وهو فقيهٌ حملدار قال : قلت : لأبي عبدالله (ع) قد عرفّتني بعملي ، تأتني المرأة أعرفها بإسلامها وحبها إياكم ، وولايتها لكم ، ليس لها مَحَرم ، قال : إذا جاءت المرأة المسلمة فإحملها ، فإنّ المؤمن من محرم المؤمنة ثم تلى هذه الاية ( والمؤمنون والمؤمنات بعظهم أولياء بعض) . إعلم إنّ عموم قوله تعالى : -وقرن في بيوتكن ولا تبرجّن تبرّج الجاهلية الأولى- مخصص بقوله تعالى : (ولله على الناس حج البيت من إستطاع إليه سبيلا ومن كفر فإنّ الله غني عن العالمين ) وكذلك خروج الصديقة الكبرى سيدة كل النساء وكل الأمة ، متكرراً للخطبةِ في المسجد النبوي ، ومواجهة أصحاب السقيفة ، وخروج أمير المؤمنين (ع) معها عشرات الليالي على بيوت المهاجرين والأنصار ، لإقامة الحجة عليهم لنصرة الحق ، وكذلك خروجها كل أسبوع لزيارة قبر سيد الشهداء عمها الحمزة (ع) ، وقبور الشهداء ، بل فعلها هذا ، سنةٌ وحجةٌ تقتدي بها المؤمنات . وكذلك خروجها بعد إنتهاء غزوة أُحد مع عمتها صفية، لمداواة جراح النبي (ص) ، وكذلك كانت النساء يخرجن مع النبي (ص) في غزواتهِ لمداواة الجرحى ) .
فالشيخ ( محمد سند ) ليثبت مطلبه ( هتك ) ستر ( فاطمة الزهراء ) عليها السلام و خدر ( العقيلة زينب ) عليها السلام !! .
ورغم انه اجاب نفسه بذكر سبب خروج الزهراء والعقيلة عليهما السلام , وهو استنقاذ حق واجب , الا ان المنتصر لرأيه لا يرى سواه ! .
فاقول : شيخنا , وهل نبكي كل هذه السنين الا لان القوم ابرزوا فاطمة الزهراء والعقيلة زينب وهتكوا سترهما ؟! . واين انت من قول الزهراء عليها السلام : (خير للمرأة ان لا ترى الرجال وان لا يراها الرجال) ؟ . واين انت من هروب لوذ الزهراء خلف الباب حفظا لحجابها وسترها عند هجوم القوم على دارها ؟. واين انت من حديث يحيى المازني قال : ( كنت في جوار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في المدينة مدة مديدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت اذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تخرج ليلاً ، والحسن عن يمينها ، والحسين عن شمالها ، وأمير المؤمنين أمامها ، فاذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأخمد ضوء القناديل . فسأله الحسن مرة عن ذلك ؟ , فقال : أخشى أن ينظر أحد الى شخص أختك زينب ) . واين انت من قول جعفر بن محمد ( ابن نَمَا ) الحلّي : ( يُستفاد من آثار أهل البيت جلالة شأن زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (ع) ، ووقارها ، وقرارها بما لا مزيد عليه ، حتى أوصى إليها أخوها ( عليه السلام ) ما أوصى به قبل شهادته ، وإنّها من كمال معرفتها ، ووفور علمها ، وحسن أعراقها ، وطيب أخلاقها ، كانت تشبه أُمّها ستّ النساء ، فاطمة الزهراء ، في جميع ذلك ، في الخفارة والحياء ، وأباها في قوة القلب في الشدّات ، والثبات عند النائبات ، والصبر على المُلِمَّات ، والشجاعة الموروثة من صفاتها ، والمهابة المأثورة من سماتها ) . اما الحج – شيخنا – فاترك جوابه للشيخ النراقي , كما سيأتي ان شاء الله .
لكن – على كل حال – نجيب في هذا الموضوع ( سير النساء نحو المشاهد المشرفة لمسافات بعيدة ) باقوال المعصومين واحكام الفقهاء :
1 - الامام الصادق عليه السلام : (سئل الصادق (ع) عن خروج النساء في العيدين، فقال: " لا! إلا العجوز عليها منقلاها "، يعني الخفين، وفي رواية اخرى انه (ع): " سئل عن خروج النساء في العيدين والجماعة، فقال: لا! إلا امرأة مسنة " ) , وقوله عليه السلام ((خير مساجد نسائكم البيوت) .
2 - السيدة زينب عليها السلام : (أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله (صل الله عليه وآله) سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، يستشرفهن أهل المنازل والمناهل، ويتصفّح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهّن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي) . وهذا تقريع سبق من السيدة زينب عليها السلام لمن يدفع نساء الشيعة للخروج ونساءه محفوظات في البيوت .
3 – كتاب مفاتيح الجنان في آداب الزيارة صفحة 319 ( السابع والعشرون :قال الشهيد أن من جملة الآداب تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظيم الحرمة وليشتد الشوق. وقال أيضا: والنساء إذا زرن فليكن منفردات عن الرجال , والأولى أن يزرن ليلا وليكن متنكرات أي يبدلن الثياب النفيسة بالدانية الرخيصة , لكي لا يعرفن وليبرزن متخفيات متسترات, ولو زرن بين الرجال جاز وان كره .. أقول (الشيخ عباس القمي ) : من هذه الكلمة يعرف مبلغ القبح والشناعة في ما دأبت عليه النسوة في زماننا من أن يتبرجن للزيارة فيبرزن بنفائس الثياب , فيزاحمن الأجانب من الرجال في الحرم الطاهر ويضاغطنهم بأبدانهن مقتربات من الضرائح الطاهرة أو يجلسن في قبالة المصلين من الرجال ليقرأن الزيارة , فيلفتن الخواطر ويصددن القائمين بالعبادة في تلك البقعة الشريفة من المصلين والمتضرعين والباكين عن عبادتهم, فيكن بذلك من الصادات عن سبيل الله إلى غير ذلك من التبعات وأمثال هذه الزيارات ينبغي حقا أن تعد من منكرات الشرع لا من العبادات وتحصى من الموبقات لا من القربات وقد روي عن الصادق –عليه السلام- أن أمير المؤمنين –عليه السلام - قال لأهل العراق: يا أهل العراق نبئت ان نساءكم يوافين الرجال في الطريق أما تستحيون ؟ وقال لعن الله من لا يغار.) .
4 – كتاب جامع السعادات , للاخلاقي الكبير الشيخ محمد مهدي النراقي ( الغيرة على الدين والحريم والاولاد ) : (وبالجملة: من اطلع على احوال نساء امثال عصرنا يعلم ان مقتضى الغيرة ان يبالغ في حفظهن عن جميع ما يحتمل ان يؤدي إلى فتنة وفساد، سواء كان في نفسه محرماً كالنظر إلى الرجال الاجانب واستماع كلامهم بلا ضرورة شرعية وارتكاب الملاهي المحرمة، اولا، كالخروج عن البيت بلا داع شرعي أو ضروري، ولو إلى المساجد والمشاهد المشرفة ومجامع تعزية مولانا ابي عبدالله الحسين (ع)، إذ ذلك وان كان في نفسه راجحاً إلاّ ان الغالب عدم انفكاكه عما ينافي الغيرة والحمية على ما هو المشاهد في عصرنا، فان اقل ما في الباب انه لا ينفك عن نظرهن إلى الاجانب واستماع كلامهم، بل عن نظرهم اليهن واستماع كلامهن، وهذا خروج للطرفين إلى الانحراف عن قانون العفة مع انا نعلم قطعاً ان خروج اكثرهن لا يخلو عن غرض فاسد أو مرجوح، وما اقل فيهن ان يكون خروجها إلى أحد المواضع المذكورة لمحض القربة والثواب. فالصواب ان يمنعن في أمثال هذا العصر عن مطلق الخروج، إلاّ إلى سفر واجب، كالحج، أو إلى بيت عالم عادل لأخذ ما يجب عليهن من المسائل، إذا لم يتمكن ازواجهن من اخذها وايصالها اليهن. ) .
5 - السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر في الخطبة الاولى من الجمعة السادسة : (نحن نعمل المستحبات ونعمل المحرمات في نفس الوقت أيجوز ذلك ؟ طبعا لا يجوز، هل ننال شفاعة المعصومين بالتجاوز على المعصومين وهتك حرماتهم ؟ هو يذهب ليتبرك بضريح الامام فيلعنه الامام الذي ذهب اليه، ويلعنها الامام الذي ذهبت اليه، فيخرج بلعنة الامام، لا يخرج بشفاعة الامام. المسألة بسيط جدا . كل شخص عنده أم، أخت، بنت، أخ، جيران، صديق، ينصح بعضكم بعضا بالارتداع عن ذلك وعن غير ذلك، خير لك ان تركتها، اترك الزيارة خير لك من ان تذهب بهذه الزيارة الخاطئة الخائبة، ....امنعوا جيرانكم واسرتكم عن مثل هذا التهتك وهذا الاحتقار للدين و المعصومين (عليهم السلام) .
6 - السيد كمال الحيدري :  (لا قربة في المستحبات إذا استلزم منها ترك واجب أو فعل محرّم، ولا موجب للمرأة في مثل هذه الحالات أن تزاحم الرجال، بل يمكنها الزيارة مع مراعاة الاحتشام وأدب الزيارة ولو من بعيد ).
7 - السيد صادق الشيرازي : س136: هل يجوز للمرأة أن تسافر للعتبات المقدسة كسوريا والعراق وإيران من غير محرم؟ ج: مع إذن الزوج والأمن من الضرر والوقوع في الحرام وعدم استلزام ذلك إيذاء الوالدين فلا إشكال فيه، والأفضل أن تكون برفقة جماعة من حملة وما شابه.
س177: ما تعني هذه الرواية عن الصديقة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أنه: خير للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يروها؟ ج: الحديث كما في البحار: ج43، ص84: أن "لا ترى رجلاً ولا يراها رجل". ومعنى الرواية واضح، فإن جنس المرأة والرجل متجاذبان شهوياً, فكلما كانا أبعد كانا أسلم من الإثارة والشهوة, وكلما كانا في سلامة من الإثارة كانا أسعد في الحياة وأهنأ عيشاً وأكثر راحة.
8 - الشيخ محمد موسى اليعقوبي : (وجّه سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) النساء المؤمنات التوّاقات للتأسّي بالسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وأبنتها العقيلة زينب (عليها السلام) والراجيات شفاعتهنّ إلى أن يمتنعن عن الخروج مشياً على الأقدام إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) اذا كان يستلزم مخالفة شرعية –كعصيان الزوج-، أو لم تأمن المرأة من الوقوع في المخالفة أو التسبّب فيها كالذي سنشير إليه في حالة كون خروجهن من مسافات طويلة تتطلب أياماً من المسير في البوادي والقفار مما يتطلب المبيت في اماكن لا يعرفونها مسبقاً كالذي يحصل للسائرين من المحافظات جنوب العراق. وقد أجمع الفقهاء على حرمة خروج المرأة من بيتها إذا استلزم مخالفة شرعية ).
9 – اجماع الفقهاء على حرمة خروج المرأة من بيتها إذا استلزم مخالفة شرعية. كما في الامثلة اعلاه .
10 – للفقيه بالولاية عند جمعه لشرائطها تحويل بعض الاحكام من الاستحباب الى الوجوب او الحرمة , لمصلحة تقتضيها ظروف المرحلة , او لنظم امر شيعة امير المؤمنين عليه السلام , كما فعل السيد الشهيد محمد الصدر في عام 1997 عندما امر بمنع المسير الى كربلاء لكلا الجنسين على الاطلاق , بعد ان اوجبه في نفس الزيارة . فكان الوجوب لادخال الخوف على الحاكم الظالم , والمنع لحفظ دماء الموالين .
10 – يرى بعض الفقهاء احيانا ان المسير الى المشاهد المشرفة يتسبب بمفسدة معينة , فيفتون بالمنع . كما في فتوى السيد كمال الحيدري : (المسألة : هل يجوز الذهاب لزيارة الإمام الحسين ع مشياً على الأقدام لمدة 15 يوماً بأجازة من مدير القاطع، علماً أن المدير ليس له هذه الصلاحية ،ثم انه لا يقتطع من الراتب ما يقابل تلك الأيام ، ونحن ما بين من يعمل على الملاك الدائم وبين من يعمل بأجر يومي؟ الــجواب : إذا لم يكن من صلاحياته ذلك فلا يجوز لكم ترك العمل كل هذه المدة، بلا فرق بين أنواع الوظيفة ).
11 – ان مسير النساء نحو المشاهد المشرفة لهذه الفترة الطويلة يستدعي لزاما ان تهمل المرأة بيتها , دون شك او ريبة , وقد شهدت بنفسي كيف ان احد جيراني كان متواجدا في عمله خارج المدينة , وزوجته ذهبت سيرا نحو العتبات المقدسة , فوقع ابنهما من على سطح الدار , ولم يكن معه الا بعض اخواته الصغيرات , ولولا تدخل الجيران والاقارب لحدث ما لا يحمد عقباه , فيما الاب والام لا يدرون بما وقع ! . وهذا لا شك يخالف خروج الحسين عليه السلام للاصلاح , فهو من طلب من المدينين من اصحابه الا يقاتلوا معه حتى يوفوا ديونهم , وفي تلك الظروف العصيبة نرى الحسين عليه السلام احرص الناس على حقوق الناس وعلى الاصلاح والاستقامة السلوكية والاجتماعية . لكن كيف لمن حوّل الحسين – وحاشاه - الى ( صنم ) يعبد ان يفهم ذلك ؟! .
واخيرا لدفع كل هذه الشبه , ودرء شرور هذه الفتن , ولاسكات القائل بالباطل , انقل ما رواه جابر عن الصاادق عليه السلام , لنعرف من هم الشيعة , وهل يكفي ان يكون السلوك مواساة للحسين في امضائه والقول برجحانه :
(عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال لي : يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت ، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير ، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء . قال جابر : فقلت : يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة . فقال : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول : أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا ؟ فلو قال : إني أحب رسول الله فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خير من علي ( عليه السلام ) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله عز وجل [ وأكرمهم عليه ] أتقاهم وأعملهم بطاعته ، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لاحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع ).

وآخر ما نجده مناسبا لتوصيف ما يفعله بعض الروزخونات والرواديد من تسقيط للعلماء المراجع , بسبب رأيهم في مسألة فقهية خالفت اهواء هؤلاء العوام , هو ما كتبه ( السيد محسن الامين العاملي ) في كتابه ( اعيان الشيعة ) :
(لقد أشاعوا في العوام ان فلانا حرم إقامة العزاء بل زادوا على ذلك ان نسبونا إلى الخروج من الدين واستغلوا بذلك بعض الجامدين من المعممين فقيل لهم ان فلانا هو الذي شيد المجالس في دمشق فقالوا قد كان هذا في أول امره لكنه بعد ذلك خرج من دين الاسلام وعمدوا إلى شخص من الذاكرين يسمى السيد صالح الحلي بذلوا له مالا على أن يقرأ في مجلس انشؤوه  كمسجد الضرار ليقرأ فيه السيد صالح ويقدح فينا ورهن بعضهم لذلك داره وأنفق المال الذي رهنها به في ذلك السبيل ) .

( وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) الانعام .
(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) البقرة
(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ) من الآية 71 المؤمنون

..............

علي الابراهيمي
A1980a24@gmail.com

تعليقات

‏قال غير معرف…
بارك الله بك وحفظك وحفض قلمك نصرة للدين والمذهب


صادق سالم صبيح

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات