مها الدوري .. مهلا مهلا

مها الدوري .. مهلا مهلا

عادتي كباحث الا اتناول التفاصيل السياسية بما هي من تفاصيل , ولكني اسلط الضوء على الجوانب التي تمس الفكر منها , وانا هنا لست بصدد انتقاد الدوري , لانها لا تعنيني واقعا , فهي لا تعدو الضجيج في ازدحام الحجيج .
وبحكم خبرتي في الدراسات الاجتماعية ادرك جيدا ان الدوري لا تخاطب المواطن العراقي , ولا يعنيها ان يفهم , بل هي تخاطب عاطفته لتسلك من خلالها الى مقاصد نفعية , وهذا لا يحتاج الى بيان , فالمرأة ذاتها تعي من هو جمهورها .
الخلاصة انني هنا اريد – معتذرا من مقام المرجعية ان اضعها قبالة كائن مجهول كالدوري – ان افتح عيني الدوري على حقائق تجهلها اكيدا , بحكم تشيعها القريب , وضعف معرفتها بتأريخنا المرتبط بتأريخ مرجعيتنا .
انا قبل كل شيء ادرك جيدا ان مها الدوري لا تستهدف شخص المرجع اليعقوبي فقط , وانما هي ضد المؤسسة المرجعية عموما , لاهداف نعلم بعضها , واخرى تكشفها الايام , لكنها لا تستطيع التصريح تجاه باقي المرجعيات , خوفا من ردة الفعل سياسيا وجماهيريا , والتي ستكون متأثرة بالعاطفة وواسعة , اما جماهير المرجع اليعقوبي فهي اكثر هدوئا وانضباطا باوامر مرجعيتها , ولن تبادر الى ردات فعل عاطفية , وهذا ما ادركته الدوري وحاولت استغلاله بانتهازية , للاسف .
وقبل ان اجيبها انا , سوف اترك من تدعي الانتماء الى خطه , وهو الشهيد الصدر قدس سره , يجيبها حول دور واهمية المرجعية الدينية : ( عرفنا ونعرف ما للاجتهاد من نتائج، أو قل هو ضروري أو أكثر من ضروري للمجتمع، كل البشرية بدون مجتهدين ملحقة بالعدم، تكون ضالة مضلة، وإن كان – مو لطيف- تساوي(كحف) أو حذاء عتيق! أنما شأنها حقيقة بالمجتهدين... ) . والسيدة مها الدوري – اليوم – مصداق واضح لتلك البشرية بدون مجتهدين .
ان محاولة الدوري غمز المرجعية عبر باب حدث سياسي عمل لا يتحلى بشجاعة ولا علمية , وانما هو سلوك تعودناه في اساليب القنوات الدموية التي تحارب شيعة آل محمد عليهم السلام .
اول الاشكالات على تصريحات الدوري في صراخها عبر قناة البغدادية هو انها اتهمت وزير العدل – وهو الذي كان صدريا قبل حتى ان تتشيع هي وطالبا في جامعة الصدر الدينية - في قضية البطاقة التموينية دون دليل , كان من المفروض ان تقدمه للشارع العراقي كي يدرسه ويعين درجة قبوله , وهذا هو الطريق القويم والمعقول .
اما موقف المرجع اليعقوبي من القرار الحكومي – والذي هو موقف من يرجع اليه من الساسة بكل تأكيد – فقد كان اجود ما رأيناه من الآراء التي نقلها الاعلام , وفي شجاعة بيّنها الوضوح في بيان المرجعية , وكذلك واقعية لا تستند الى عاطفة ارضاء العوام فقط , فقد اراد المرجع امرين في آن واحد , معالجة تلكؤ تموين الناس بالمواد الغذائية وفشل وزارة التجارة في ذلك , الى جانب معالجة قرار الحكومة المتسرع وغير المنطقي .
واليك رابط نص البيان على موقع المرجعية لتقرأيه مجددا , فربما لم تكونِ قرأتيه سابقا , لان شأن المرجعية لم يكن ضمن دائرة اهتماماتكِ
http://www.yaqoobi.com/arabic/artc/2638/news/default/index.html
ثانيا ان اعترافها بتوقيع وزراء تيارها , ثم اعتذارهم عن ذلك , دليل على تخبط سياسي يقوده تخبط فكري , يعيشهما التيار , ربما بسبب انشقاق التيار وانسلاخه عن المرجعيات الشيعية الموجودة اليوم , والعمل دون مرجعية يولد القرارات القاصرة والمستعجلة والهزيلة والعاطفية , واقل ما يقال فيه هو تعدد القيادات للتيارات الخارجة عن الاطر المرجعية .
يقول الشهيد الصدر قدس سره : (الاقل المجزي في القائد ان يكون مجتهدا)
( وأشياء كثيرة تحتاج إلى تعديل وإلى تقويم وإلى عدل....وهذا لا يكون إلا بفتوى حقيقية وقضاء حقيقي وولاية حقيقية، وهذا إلا بالاجتهاد، أول درجاته الاجتهاد ... أما أنه تستطيع أن تعمل شيئاً من ذلك بدون اجتهاد؟ فهذا دونه خرط القتاد ولا يمكن أصلاً ومن يخالف ذلك ؟ إنما يتبوأ مقعده من النار، وليس بحجة ولا تجب طاعته حتى لو كان أفضل فضلاء الحوزة مالم يحصل على درجة الاجتهاد ... المجتهد فقط وفقط من له حق قيادة الناس في الفتوى والقضاء وكل شيء، أما غيره، أيا كان فلا يجوز له ذلك وليس على الناس طاعته ) , المصدر : محاضرة حول واجب رجال الدين.
اذن سيدتي , ( المجتهد ) فقط وفقط من يكون له حق ( قيادة ) الناس , اما ( غيره ) فليس له ذلك , كائنا من كان , وليتبوأ مقعده من النار .
اما لو اجبتيني – عنادا وجهلا – انكم ترجعون الى السيد ( الحائري ) , فهذا فضلا عن كونه كذب بات مكشوفا , فهو ايضا مدفوع بجملة اشكالات , اهمها سحب السيد الحائري وكالة السيد مقتدى الصدر , وبذلك انتفت شرعية سيد مقتدى بتمثيل السيد الحائري , وثانيهما دعم السيد الحائري في انتخابات سابقة لقائمة مغايرة للقوائم التابعة للتيار , وثالثهما وجود مكاتب شرعية تمثل مرجعية السيد الحائري , لا ترتبط من قريب او بعيد بمكاتب التيار الدينية .
اما تهجمك على مرجعية سماحة الشيخ , في حالة من الهستيريا , التي تكشف عن وجود عاطفة مشحونة بالبغض تجاه مرجعية سماحته , فيمكن اجابته بما يأتي :
ان تأريخك الاجتماعي والبيئة التي تخرجت عنها لا تسمح لكِ بتقييم مرجعياتنا , باي شكل من الاشكال , واجد ذلك من المعيب جدا , على التيار الذي تنتمين اليه اولا , وعلى الجماهير التي تستمع اليكِ وتدعي التشيع ثالثا , وهم عندئذ كمن يأخذ الشريعة الاسلامية عن ( كعب الاحبار ) ويترك ( اهل الذكر ) , فالفرق بين معرفة ابنة ( ضابط في القوة الجوية الصدامية ) وبين معرفة عائلة دينية نجفية كعائلة ( آل اليعقوبي ) بالمرجعية الصدرية , هي كالفرق بين معرفة كعب الاحبار ومعرفة آل البيت بالشريعة المحمدية , مع الفارق في القياس .
فالمرجع الشيخ محمد اليعقوبي اسمى من ان تقيمي مرجعيته انتِ او غيركِ من المجاهيل والغرباء في ساحة التشيع .
وبغض النظر عن مرجعية سماحته , فهو ابن احدى العائلات النجفية المعطاءة , والتي اقسم انكِ لا تعرفين عنها شيئا , ولو لم يكن الا جده الخطيب العلامة الاديب المجاهد ( محمد علي اليعقوبي ) لكان كافيا في افهامك من هم ( آل اليعقوبي ) , فكيف والعائلة كلها من رجال الدين العاملين ؟ ! .
اما الاهم فالرجل في نفسه , فهو علم عرفته منذ سنين , في اوائل مرجعية الشهيد السعيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره , لا عن لقاء , ولكن عن تلاقي , فقد كان السند الذي عرفناه لمحمد الصدر يوم قلّ الناصر وكثر الطاعن , وهو احد الذين احتج بهم على اجتهاده ومرجعيته في العدد السابع من مجلة الهدى التي صدرت في حياته قدس سره .
وهو بعدها كان المسؤول الذي عرفناه عن الاستفتاءات واجابة الناس في مكتب الشهيد الصدر عند تعاظم مرجعيته .
والعمدة هو ثمرة الشهيد الصدر العلمية ( جامعة الصدر الدينية ) , والتي تعتبر قمة جهود الشهيد السعيد , وفيها الامل باستمرار النهج العلمي له وانتاج مجتهدين مقتدرين , فجعله عميدها واستاذها الابرز , ولازال هو كذلك , وقد وسّع فروعها ونشرها في عموم المدن العراقية.
وحين كثرت السيوف على مصلح الامة الشهيد الصدر كان هو درعه بوجوده وارث عائلته المؤثر في النجف الاشرف . وقد كان من قبل شريكه ويده في تحركه لاستنقاذ الانتفاضة الشعبانية .
ثم اوصى له بالقيادة في ذلك الاجتماع العام لطلبة جامعة الصدر الدينية من الدفعة الاولى , حيث قال (والآن أستطيع أن أقول أن المرشح الوحيد من حوزتنا هو جناب الشيخ محمد اليعقوبي إذا أمدّ الله بي العمر إلى الوقت الذي شُهد باجتهاده فأنا لا أعدو عنه هو الذي ينبغي أن يمسك زمام الحوزة بعدي ) , وكثير منهم موجودون ويشهدون بذلك , واغلبهم اليوم حفظوا الوصية ويديرون مكاتب سماحته في المدن العراقية . وكانت هذه المناسبة بعد استشهاد الزهراء عليها السلام في يوم الأحد بعد صلاة الظهرين في الخامس من جمادي الآخر سنة 1419هـ والموافق 27/9/1998م أي قبل استشهاد المولى المقدس بخمسة أشهر. وجميع اسماء من حضر الاجتماع عندي , ارسلها لكِ للتأكد ان احببتِ .
وطيلة الفترة من 1999 الى 2003 – وانا ممن رجع الى الى الشهيد الصدر منذ 1994 - لم نكن نعرف وريثا شغل مكان الشهيد الصدر وادار دفة الاصلاح الصدري غير سماحة المرجع اليعقوبي , ولم يكن يجرؤ من نسمع بعضهم اليوم ان ينبس ببنت شفة , ففتح سماحته جامع الرأس بعد اغلاقه من قبل جلاوزة من تعرفينهم جيدا – ايتها السيدة الدوري - , وهو المسجد الملاصق لحرم امير المؤمنين والذي كان يلقي فيه الشهيد الصدر درسه .
وذكري لهذا اللقاء متعلق بالخط الصدري , اما فيما يخص عموم مرجعية سماحته , فهي مرجعية اسمى واشرف من ان تلتاكها السنة جعلها الصراخ نبتة العاطفة وعدوة المعرفة .
ثم ان الذي شهدت باجتهاده ومرجعيته ثلة من اجل شيوخنا ومجتهدينا , من مثل الشهيد الصدر والمرجع محمد علي الكرامي والمرجع المرحوم محمد مفتي الشيعة والمرجع الدكتور محمد الصادقي الطهراني و السيد محمد تقي المدرسي والشيخ حيدر اليعقوبي – الذي احتج به الشهيد الصدر على مرجعيته – والشخ قاسم الطائي – وهو ايضا ممن احتج به الشهيد الصدر على مرجعيته , وقد سمعت شهادة الشيخ الطائي بنفسي - والسيد الاستاذ علي الحلو , ووثقه – على وثاقته بذاته - خيرة ثقات ووجوه الشيعة اليوم من مثل السيد هادي المدرسي و السيد محمد الصافي والسيد حسن الكشميري والشيخ محمد علي العمري والشيخ حسن الصفار والشيخ جعفر الابراهيمي وامير قبائل الاوس في العراق جاسم محمد راضي , وغيرهم كثير كثير , فيما يتوافد على مكتبه الشريف ابناء واحفاد فحول الشيعة وجهابذتهم ورجالاتهم السابقين من الذين تركوا للمذهب ما ينفعه , اقول ان مثل هذا الانسان اجل وارفع من ان يسيء اليه انسان , اقل ما يقال فيه انه مجهول الحال , جديد على مذهب اهل البيت , جاهل بتأريخ شيعة آل محمد ومرجعيتها المقدسة , والتي ربما راح يقيسها ظلما بما يعرفه , فيجعلها تحت السياسة لا فوقها .
واذا كنتِ الى اليوم جاهلة برسائل علمائنا العملية , فهي تثبت ان المرجعية تثبت بشهادة اثنين , فكيف بمن شهد له هذا الجمع , وخطابي هنا ليس موجها لكِ , فانتِ لا تهتمين كما يظهر للفقه الشيعي بقدر عاطفة العوام من الشيعة , بل الخطاب موجه لمن هم شركاء لكِ في التيار , او من يتبعهم من الجمهور .
ان النقاش في تمثيل الخط الصدري المجاهد بعيد جدا عن امثال مها الدوري , وله اهله من انصار ومقلدي الصدر الذين نعرفهم ولا تعرفهم , لتطفلها القريب على هذا الخط .
كما ان الاولى لمها الدوري وهي تريد تمثيل التيار الذي ينتسب الى مرجعية دينية راحلة , ان تسأل زعماء التيار الدينيين : هل يجوز تقليد الشهيد الصدر ابتداءا ؟ , فربما كما هو الاستقراء ان ما يقارب 90 % من المنتمين الى التيار في قواعده وجماهيره اليوم قلدوا الشهيد الصدر ابتداءا , فيما لا يجوز الشهيد الصدر ذلك , الا باذن الحي , ولم يجوز تقليد الشهيد الصدر ابتداءا الا المرجع اليعقوبي ذاته الذي تتهجم على مرجعيته الدوري , على شرط الرجوع اليه في الخلافيات .
كما انصح السيدة الدوري , وقد هاجمت من انشق عن تيارها سابقا من ( عصائب اهل الحق ) , ان تبحث في التأريخ الصدري القريب , لتكتشف بنفسها ان من اسس التيار هم قادة العصائب ذاتهم , وهم من اوجدوا شخصية قائده بعد ان كانت مغمورة صدريا , كما انهم من بنى جيشه وقاده لسنين . لكنهم انشقوا عنه بعد ان ارشدهم الله الى ضرورة التزامهم الى مرجعية دينية حية وقائمة بالامر , كما هو المعتقد الاسلامي الامامي , وربما كان هذا التوفيق لهم لانهم كانوا ممن عاش بعض عمره مع الشهيد الصدر , كطالب علم في مراحل اولية , بخلاف اغلب مدراء مكاتب التيار اليوم في المحافظات الذين عرفوا الشهيد الصدر بعد 2003.
وهذا الامر قادني الى ان الكثير من ابناء التيار – واغلبهم انشق او اعتزل – والذين كانت لهم معرفة بنسبة ما بحياة ومسيرة الشهيد الصدر قدس يكنون الاحترام لشخص ومرجعية الشيخ محمد اليعقوبي , كالشيخ احمد الشيباني والشيخ صلاح العبيدي وغيرهم , وبعضهم ( يكتم ايمانه ) خوفا وحرصا على مصلحة دنيوية .
وكما هو واضح ان التيار الذي يدعي بعده الديني الامامي , ويقود الناس على اساس ذلك , يجب عليه اولا ان يصحح مسلكه المرجعي قبل كل حديث آخر .
اما الاشكال الاخير لمها الدوري , وكان حول مفهوم ( القيادة ) عند الشهيد الصدر , فانا من سيوجهه للدوري , قبل الساعة التي تريدها من وسيلة اعلامية لتستغلها في اثارة عواطف العوام :
يقول الشهيد الصدر قدس سره : (من ناحية التقليد أنا اعتقد أن الأعلم على الإطلاق بعد زوالي عن الساحة جناب آية الله العظمى السيد كاظم الحائري الشيرازي، ولكنه ـ حسب فهمي ـ لا يتيسر له النظر في أمور الشعب العراقي؟ لأنه غير موجود هنا ولا اعتقد انه يتيسر له الرجوع للعراق ... ) , وفعلا هذا ما كان في المستقبل الذي تنبأ به الشهيد الصدر , ولم يتسنَ للسيد الحائري الرجوع الى العراق ولا النظر في قضيته , وهو اليوم بعيد كل البعد عن مسايرة مشاكل وهموم الواقع العراقي , مع احترامي الشديد لمكانته العلمية . ويدعم ذلك ما قاله الشهيد الصدر مؤكدا : (لابد من المرجع في النجف وأنا قلت أكثر من مرة أن النجف هي أعلم المناطق على وجه الأرض حتى لو قيست بقم ... ) .
فاراد الشهيد الصدر ان يعالج تلك المشكلة – وخصوصا ما يتعلق بالبيت الصدري - فقال : (فمن هذه الناحية يحتاج الشعب العراقي ـ لو صح التعبير إلى قيادة لا تمثل التقليد، يقلدون شخص ويأتمرون بأمر شخص آخر بعنوان الوكالة أو بعنوان آخر لكي يرتبهم ... ) . وكان من يملك تلك الوكالة عن الشيخ الفياض حينها هو المرجع اليعقوبي ذاته , فتنبهي سيدتي .
واذا سألنا الشهيد الصدر عن سبب هذا الاجراء , فسيجيب كما اجاب : (الشيعة والحوزة العلمية لا تكون بدون ترتيب، وإذا لم ترتب تقع بأيدي أُناس ليسوا لها، أكفاء ما كرين وطلاب دنيا بأي شكل من الأشكال ـ على أي حال ـ ولتوخي دفع أمثال هذه النتائج المؤسفة والمزعجة ينبغي أيجاد قيادة دينية داخل الحوزة. لأجل التفاف الناس حولها واستفادة الناس منها ... ) . بمعنى ان الاجراء مؤقت , يستهدف معالجة مشكلة آنية , وليس قاعدة دائمة , وانما هو الاستثناء .
فاذا قلنا يا شهيدنا الصدر هل هذا الاجراء دائم , اجاب : (فان مد الله في عمري ـ لو صحَّ التعبير ـ وبقيتُ عدة سنوات أخرى فيوجد بالتأكيد. يوجد هناك عدة مجتهدين بعون الله (سبحانه وتعالى) جملة منهم أستطيع أن أقول: طيب القلب، وخبير، وورع، ونحو ذلك (قابل أن تعول عليه القيادة الحوزوية) ولربما في ذلك الحين يكون: هو الأعلم... ) .
ولو اعدنا السؤال عن انطلاق هؤلاء المجتهدين عن اي مدرسة حوزوية , فسيجيب : (نحن لا نعلم في المستقبل من الذي يكون . أنا قلت: أن جناب السيد كاظم ألان هو الأعلم ـ فيها باب وجواب ـ أما في حينه، لعله سيكون بعض طلابي هو الأعلم ليس مجتهدا فقط بل اعلم فحينئذ يجب الرجوع إليه تقليداً وقيادة ـ لو صح التعبير ـ وانتهى الحال... ) . وهنا نكتشف بوضوح ان اعلمية سيد كاظم الحائري يمكن ان يأتي عليها الزمان وتكون دون اعلمية غيره , فتفقد فاعليتها في الوصية الصدرية , لكن امام من ؟ , امام طلاب الشهيد الصدر نفسه قدس سره , ( طلابه ) لا ( ابنائه ) , وهذا هو دين الله وفقه مدرسة اهل البيت عليهم السلام . لكن لماذا الحق الشهيد الصدر كلمة ( وقيادة ) بعد ( تقليدا ) ؟ , الفهم الاولي لهذه العبارة يستوجب ان الصدريين كانوا يرجعون الى هذا الطالب قيادة على ارض الواقع , فبقي عليهم ان ينتظروا تحقق شروط التقليد .
لكن لو سألنا الشهيد الصدر عن الفراغ اذا رحل فجاءة وبسرعة عن الساحة , اجاب : (لكن إذا صادف والله اعلم بما يقضي ويقدر أني زلت عن الساحة بزمن سريع ـ الله العالم ـ كما قتل هذان الشهيدان فلربما أكون أنا ثالثهم وكما يقول المثل ـ (ما ثنى إلا وثلث). على أية حال ـ محل الشاهد ـ فحينئذ نحتاج إلى قيادة توجيهية طبعاً، غير سياسية أكيد، ودينية، لأجل المجتمع في حدود الفراغ المرجعي الموجود في العراق ... ) . وهنا مفاهيم ( قيادة توجيهية ) و ( غير سياسية ) و ( دينية ) و ( في حدود الفراغ المرجعي الموجود ) .
فهل هناك مرشح رشحه الشهيد الصدر قدس سره , نعم , فقد اجاب : (أنا نصحت وأن كان إلى ألان لم تفحص المسالة بدقة. ولكني أجد أن أطيب المجتهدين قلباً من الموجودين هو الشيخ محمد إسحاق الفياض بالرغم من انه منزوي وبالرغم من انه يمثل الطريقة القديمة بالمرجعية ولكنني ابحث عن طيب القلب وعن المنصف وعن المتورع وهو في هذه الناحية جيد بشكل معتد به ـ ولا تقولوا انه لم يحضر الجمعة صحيح انه لم يحضر الجمعة ولكنه جاءني معتذرا وقال: أنني أجدها واجبة تخيريه حتى بعد اجتماع خمسة أو سبعة أحدهم الإمام. فمن هذه الناحية الرجل معذور بمعنى من المعاني ـ على أية حال ـ يجد العذر لنفسه فإذا كان بهذا الترتيب يعني كنموذج صالح لأجل الالتفاف حوله وقيادته الدينية. أولى من يكون ألان لو أنا انسحبت عن الساحة هو الشيخ جزاه الله خير جزاء المحسنين بالرغم من أنني لم أتكلم معه لكني أعلنها حسبة لله سبحانه وتعالى وأقول حتى لو كره ذلك انتم التفوا حوله خيراً من أن تلتفوا حول غيره بطبيعة الحال ربما الالتفاف حول غيره يؤدي إلى نتائج وخيمة ـ وصرف المال في فيافي بني سعد كما يقولون ـ لكنه لا.. بالنسبة إلى شخص متورع بمقدار ما.. يعني جيد تستطيع أن تقول أكثر من ذلك يفي بالحاجة على أية حال... ) . وكما نرى فان الشيخ محمد اسحاق الفياض كان هو الحل المؤقت للخط الصدري , ريثما يصل احد طلاب الشهيد الصدر الى رتبة الاجتهاد .
وكلام الشهيد الصدر واضح جدا في تقسيم وتأطير مراحل واسباب القيادة الدينية , لانه يشترط في ( القيادة ) رتبة ( الاجتهاد ) .
كما ان احدا من طلبة الشهيد الصدر قدس سره لم يكن يملك وكالة عن المرجع الفياض سوى الشيخ محمد اليعقوبي ذاته الذي تهجمت عليه مها الدوري تحت غطاء من تيارها .
وكل من عاش الفترة بعد استشهاد السيد الصدر يعلم جيدا ان ( الشخصية من طلبة الشهيد الصدر ) التي تزعمت مكتب الشهيد الصدر وقادت الصدريين وفتحت الدرس في جامع ( الرأس ) الذي درس فيه الشهيد الصدر وباشرت باصدار الاستفتاءات والتوجيهات والمؤلفات واستلمت الحقوق الشرعية بختمها , لم تكن الا شخصية الشيخ محمد اليعقوبي . ولمها الدوري ان تسأل الذين سبقوها في الايمان .
واليوم بعد ان تحقق مراد الشهيد الصدر قدس سره باجتهاد احد طلبته , كما تثبته الشهادات التي ذكرناه في السابق , وهي شهادات لا يجحدها الا جاهل او منافق , فليس لمها الدوري ولا لغيرها ان يقولوا بغير قول الشهيد الصدر , حيث قال :
( .. في المستقبل لعله سيكون بعض طلابي هو الأعلم ليس مجتهدا فقط بل أعلم فحينئذ يجب الرجوع إليه قيادةً وتقليداً لو صح التعبير .. ) .
فهل تكون مها الدوري صدرية بحق , وتنفذ امر الشهيد الصدر , وتمتثل لهذا الوجوب الشرعي من الشهيد الصدر , فتقلد وتنقاد الى تلميذه ؟!
والشهيد الصدر يؤكد بقوة :
( ان طلبة الأعلم هم الأعلم وبما أني طالب عند السيد محمد باقر(قده)الذي هو اعلم علماء عصره وقد فهمت مطالبه الأصولية والفقهية المعمقة – النتيجة – سيكون طلبة الأعلم هم الأعلم بلا إشكال ).
ويسري مفعول هذه القاعدة على طلبة الشهيد الصدر بكل تأكيد , لانها غير مخصصة بل مطلقة , كما هو واضح من تعبير الشهيد الصدر .
وقال ايضا : (( من النقاط المؤسفة التي يصعب جدا تلافيها بل الآن عمليا لا يمكن تلافيها: ان المرجعية تقوم بواحد ، إذا مات هذا الواحد اندثر هو وآراؤه - يعني شنو هو راح - لكن أفكاره العامة إجمالا ونشاطه ودفعه للناس، أي ليس له بديل مماثل في حين أنا أيضا كررت انه: أنا أريد ان اربي بديل مماثل ولربما أحسن مني ولربما أحسن مني بكثير - أنا شنو قيمتي - العمدة نفع التشيّع ونفع المجتمع ونفع الحوزة...).
كما اضاف : ((من هدفي إيجاد مرجعية صالحه، وعادله، حقيقية، وقاضيه لحوائج الناس، تترفع عن الماديات وعن الدنيويات ) .
من ذلك كله , نستنتج – سيدتي – ان الشهيد الصدر لم تكن مدرسته مبتورة , بل هي مدرسة سيتخرج عنها مرجعية صالحة تكون هي الاعلم , ويجب الرجوع اليها . والمرجعية الشيعية ليست ملكا ودولة يرثها الابناء , بل هي قيادة ربانية يرثها اهل العلم عن اهلها الذين سبقوهم بالمعرفة . فالعالم يضع علمه في عقول طلبته لا في اسماء ابنائه .
ولكِ ان تعرفي الان مقدار ما انتِ عليه من الدين والمنهج الصدري !!! .
لقد قتلتم الصدر معنويا , كما قتله غيركم ماديا , ولولاكم لكان الناس اليوم به اعرف ولمنهجه اكثر حبا . لكنكم صورتموه بصورة قاسية ترعب الناس من فكره ومنهجه , وتبعدهم عن سبيله , وهذا هو المتوقع لخط يقوده غير اهله . والله المستعان .
ان الشهيد الصدر الذي تتحدثين بأسمه اليوم , هو ربما ليس الصدر الذي تبعناه وناصرناه وسرنا معه في السنين العجاف , يوم كنتِ انتِ في ركب المجهول , حينها كان محمد اليعقوبي ولم تكونِ , وكذلك كنا نحن ولم يكنْ من توجهين خطابكِ اليهم اليوم , فكلكم جديد ولا جديد .
سيدتي , هذا تأريخ المرجع اليعقوبي , وهذا تأريخنا ..
كان , ولم تكونِ ..
قلتُ في بعض قصيدة لم اكملها حتى اليوم , واصفا حال المرجع اليعقوبي دام ظله , ورأيتُ ذكرها يناسب المقام :

يا امة ما ادركت مجدها
بعض النفوس لجهلها المُفْزِعِ
قد فاض من ذا الثغر ما غمها
و افرح الناجين في المطلعِ
هدّدتَ اُسَّ الغي في نفسهم
فاهتزَّ عرشُ الجورِ في الجُزَّعِ

.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات