الناكثون يوم الجمل

الناكثون يوم الجمل



علي الإبراهيمي





ان العلة الأساس في حرب مثل الجمل ليس النفاق والإيمان كما كان في حرب صفين بين علي ومعاوية ، بل بين الإيمان الواعي وبين الإيمان الساذج ، فقد كان أنصار عائشة مؤمنين ، لكنهم لا يعرفون حق علي بن ابي طالب وأهل بيته ، وهم يظنون ان ام المؤمنين عائشة لا تنطق الا بالحق لانها زوج الرسول ، لذلك قدمها أمامهما الخارجان طلحة والزبير ، وهما من دعماها إعلاميا ايضاً ووثقا جبهتها وخلقا مقامها . رغم ان ام المؤمنين عائشة كانت حقاً لا تحب عثمان وفعله وتبغضه وكانت تريد الخلافة لطلحة  ، ومع هذا صدقوها في امر طلبها لدمه . وهي التي كانت ترى استحباب التزويج في شوال ، لا لشيء شرعي ، بل لدافع عاطفي هو ان رسول الله بنى فيها في شوال . وهي الرواية التي جمعت بين بيان عاطفتها وبين جرأة القوم  على الإساءة لمقام رسول الله في زواجه من طفلة ذات ست او سبع سنين ، اذ تدعي الرواية الزبيرية ، وراويتها عروة بن الزبير ، ان رسول الله بنى فيها في السنة الأولى للهجرة . فمن بشاعة ال الزبير انهم حين احتاجوا الى مصدر قديم للرواية جعلوا عائشة زوجة رسول الله من السنة الأولى للهجرة . رغم ان ال ابي بكر قد قدموا المدينة بعد ذلك حسب رواية رجوع عبد الله بن أريقط . وكالعادة اختلف القوم في تاريخ زواجها بعد هذا التلفيق ، فمنهم من جعله في ذي القعدة ومنهم من جعله في شوال . ومنهم من قال انه تزوجها قبل الهجرة بثلاث سنين وهي ذات ست ، وبنى بها بعد الهجرة وهي ذات تسع ، ليدفع بعض الشيء من صعوبة تصديق هذه الروايات . وهذه الروايات الى الْيَوْمَ باب طعن في مقام النبي من قبل أعداء الشرق والغرب . بل ان عائشة لم تكن ترى رسول الله سوى رجل دنيوي ، كباقي الرجال ، لا سمو له خاص ، كما في جوابها له في حديث وجعه ، اذ اتهمته ضمنياً انه لا وفاء له وسيعرس ببعض زوجاته بمجرد رحيلها . فكيف هي إذاً مع امام زمانها علي بن ابي طالب ، وهو غير النبي ولا يمت له بصلة قرابة ويخاصم أباها ويرتبط بقربى مع خديجة التي احبها النبي وصرح بذلك أمامها وزوج بنت النبي الوحيدة فاطمة التي فضحت الانقلاب الذي جاء بابي عائشة الى السلطة ، لهذا كله نجد ان عائشة قد وصل بها الحال الى إخفاء اسم علي بن ابي طالب من مقام الرجلين الذين اتكأ عليهما في مرضه الذي توفاه الله فيه ، ولم تذكر سوى العباس بن عبد المطلب ، الا ان عبد الله بن عباس فضح ما أخفت من الحقيقة وأشار الى ان الرجل الاخر كان علياً ، الا انها – بحسب ابن عباس – لم تشأ ان تذكره بخير ما دامت تستطيع    .
عن محمد وطلحة ، قالا : ( كان قتلى الجمل حول الجمل عشرة الآف نصفهم من أصحاب علي ونصفهم من أصحاب عائشة ، من الأزد الفان ، ومن سائر اليمن خمسمائة ، ومن مضر الفان ، وخمسمائة من قيس ، وخمسمائة من تميم ، وألف من بني ضبة ، وخمسمائة من بكر بن وائل ، وقيل قتل من أهل البصرة في المعركة الأولى خمسة الآف ، وقتل من أهل البصرة في المعركة الثانية خمسة الآف فذلك عشرة الآف قتيل من أهل البصرة ، ومن أهل الكوفة خمسة الآف ، قالا : وقتل من بني عدي يومئذ سبعون شيخا كلهم قد قرأ القرآن سوى الشباب ومن لم يقرأ القرآن )  . وقد اختصر احد العقائديين من بني ( عبد القيس ) الامر كله بكلمة وجهها لجموع القرشيين بقيادة طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة عند قدومهم للبصرة يطلبون من اَهلها خلع علي او قتاله ، حيث قال : ( يا معشر المهاجرين أنتم أول من أجاب رسول الله ص فكان لكم بذلك فضل ثم دخل الناس في الاسلام كما دخلتم فلما توفي رسول الله ص بايعتم رجلا منكم فرضينا وسلمنا ولم تستأمرونا في شئ ثم مات واستخلف عليكم رجلا فلم تشاورونا فرضينا وسلمنا فلما توفي جل أمركم إلى ستة فاخترتم عثمان عن غير مشورتنا ثم أنكرتم منه شيئا فقتلتموه عن غير مشورة منا ثم بايعتم عليا عن مشورة منا فما الذي نقمتم عليه فنقاتله هل استأثر بفئ أو عمل بغير الحق أو اتى شيئا تنكرونه فنكون معكم عليه ) . فهموا بقتل الرجل ، فمنعته عشيرته ، فلما كان الغد وثبوا عليه وعلى من معه وقتلوا منهم سبعين  .
وقد كان ( مع أمير المؤمنين عشرون الف رجل. منهم البدريون ثمانون رجلا، وممن بايع تحت الشجرة مائتان وخمسون، ومن الصحابة الف وخمسمائة رجل. وكانت عائشة في ثلاثين ألفا أو يزيدون منها المكيون ستمائة رجل. قال قتادة: قتل يوم الجمل عشرون ألفا. وقال الكلبي: قتل من أصحاب علي الف راجل وسبعون فارسا )  . ومنه نعلم حجم الخسارة التي اصابت بلاد الإسلام بعد تلك الأحداث ، ولماذا استطاعت السلطات الرسمية كتابة تاريخ لا يمت للرسول بصلة ، اذ ذهب جلّ الصحابة والأوائل في تلك الوقائع . كذلك نعرف من كان في صف علي بن ابي طالب ومن كان في صف الخارجين عليه ، اذ انها المعركة ذاتها بين خليفة الله والصحابة وبين قريش في بدر ، وبين خليفة الله والصحابة وبين قريش في الجمل ، وبين خليفة الله والصحابة وبين قريش في صفين .
وقد ابتلي علي بن ابي طالب بثلاثة أنواع من الناس ، مؤمنين لا يعرفونه ، قاتلهم في الجمل ، ومنافقين من خلفهم الكافرون قاتلهم في صفين ، ومؤمنين جهلة قاتلهم في النهروان . اذ خاطب هذا الصنف الأخير من الخوارج، وقد خرج إلى معسكرهم وهم مقيمون على إنكار الحكومة: ( أكلكم شهد معنا صفين؟ فقالوا: منا من شهد ومنا من لم يشهد. قال: فامتازوا فرقتين، فليكن من شهد صفين فرقة، ومن لم يشهدها فرقة، حتى أكلم كل منكم بكلامه، ونادى الناس، فقال: أمسكوا عن الكلام، وانصتوا لقولي، وأقبلوا بأفئدتكم إلى، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها. ثم كلمهم عليه السلام بكلام طويل، من جملته أن قال عليه السلام: ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة، ومكرا وخديعة: إخواننا وأهل دعوتنا، استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه، فالرأي القبول منهم، والتنفيس عنهم. فقلت لكم: هذا أمر ظاهره إيمان، وباطنه عدوان، وأوله رحمة، وآخره ندامة. فأقيموا على شأنكم، والزموا طريقتكم، وعضوا على الجهاد بنواجذكم، ولا تلتفتوا إلى ناعق نعق، إن أجيب أضل، وإن ترك ذل. وقد كانت هذه الفعلة وقد رأيتكم أعطيتموها. والله لئن أبيتها ما وجبت على فريضتها، ولا حملني الله ذنبا، ووالله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع، وإن الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته، فلقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه، وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والاخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيمانا ومضيا على الحق، وتسليما للامر، وصبرا على مضض الجراح... ولكنا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الاسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوعاج، والشبهة والتأويل، فإذا طمعنا في خصلة يلم الله بها شعثنا، ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا، رغبنا فيها، وأمسكنا عما سواها )  .
يقول ( محمد بن ابي حُذيفة ) مخاطباً ( معاوية ) في اتهامه علياً بدم عثمان : ( إنك لتعلم أني أمس القوم بك رحما وأعرفهم بك، قال: أجل، قال: فوالله الذي لا إله غيره! ما أعلم أحدا شرك في دم عثمان وألب الناس عليه غيرك لما استعملك ومن كان مثلك، فسأله المهاجرون والأنصار أن يعزلك فأبى، ففعلوا به ما بلغك; ووالله ما أحد اشترك في دمه بدءا وأخيرا إلا طلحة والزبير وعائشة، فهم الذين شهدوا عليه بالعظيمة وألبوا عليه الناس وشركهم في ذلك عبد الرحمان بن عوف وابن مسعود وعمار والأنصار جميعا. قال: قد كان ذلك; قال: فوالله! إني لأشهد أنك منذ عرفتك في الجاهلية والإسلام لعلى خلق واحد، ما زاد فيك الإسلام قليلا ولا كثيرا، وأن علامة ذلك فيك لبينة تلومني على حب علي (عليه السلام) خرج مع علي (عليه السلام) كل صوام قوام مهاجري وأنصاري، وخرج معك أبناء المنافقين والطلقاء والعتقاء، خدعتهم عن دينهم وخدعوك عن دنياك; والله! ما خفي عليك ما صنعت وما خفي عليهم ما صنعوا، إذ أحلوا أنفسهم لسخط الله في طاعتك; والله! لا أزال أحب عليا لله ولرسوله وابغضك في الله ورسوله أبدا ما بقيت )  .
وعن نصر بن مزاحم ، في حديث محمد بن عبيد الله ، عن الجرجاني قال : لما قدم شرحبيل على معاوية تلقاه الناس فأعظموه ، ودخل على معاوية فتكلم معاوية فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا شرحبيل ، إن جرير بن عبد الله يدعونا إلى بيعة علي ، وعلى خير الناس لولا أنه قتل عثمان بن عفان ، و [ قد ] حبست نفسي عليك ، وإنما أنا رجل من أهل الشام ، أرضى ما رضوا ، وأكره ما كرهوا . فقال شرحبيل : أخرج فانظر . فخرج فلقيه هؤلاء النفر الموطؤون له ، فكلهم يخبره بأن عليا قتل عثمان بن عفان . فخرج مغضبا إلى معاوية فقال : يا معاوية ، أبى الناس إلا أن عليا قتل عثمان ، ووالله لئن بايعت له لنخرجنك من الشام أو لنقتلنك . قال معاوية : ما كنت لأخالف عليكم ، وما أنا إلا رجل من أهل الشام . قال : فرد هذا الرجل إلى صاحبه إذا . قال : فعرف معاوية أن شرحبيل قد نفذت بصيرته في حرب أهل العراق ، وأن الشام كله مع شرحبيل . فخرج شرحبيل فأتى حصين بن نمير فقال : ابعث إلى جرير [ فليأتنا ] . فبعث إليه حصين : أن زرنا ، فإن عندنا شرحبيل بن السمط . فاجتمعا عنده ، فتكلم شرحبيل فقال : يا جرير ، أتيتنا بأمر ملفف لنلقينا في لهوات الأسد ، وأردت أن تخلط الشام بالعراق ، وأطرأت عليا وهو قاتل عثمان ، والله سائلك عما قلت يوم القيامة . فأقبل عليه جرير فقال : يا شرحبيل ، أما قولك إني جئت بأمر ملفف فكيف يكون أمرا ملففا وقد اجتمع عليه المهاجرون والأنصار ، وقوتل على رده طلحة والزبير . وأما قولك إني ألقيتك في لهوات الأسد ففي لهواتها ألقيت نفسك . وأما خلط العراق بالشام فخلطهما على حق خير من فرقتهما على باطل . وأما قولك إن عليا قتل عثمان فوالله ما في يديك من ذلك إلا القذف بالغيب من مكان بعيد  ، ولكنك ملت إلي الدنيا ، وشئ كان في نفسك على زمن سعد بن أبي وقاص . 

ونساء عبد القيس هن اللواتي ارسلهن علي بن ابي طالب عشرين امرأة مع ام المؤمنين عائشة الى المدينة بعد انتصاره في معركة الجمل عليهن العمائم والسيوف  . وقبل ذلك التحمت قبيلة عبد القيس بجيش طلحة والزبير قبل قدوم جيش امير المؤمنين علي . اذ اقبل حكيم بن جبلة العبدي وهو على الخيل، فأنشب القتال، وأشرع أصحاب عائشة رماحهم، وأمسكوا ليمسك حكيم وأصحابه، فلم ينته وقاتلهم وأصحاب عائشة كافون يدفعون عن أنفسهم وحكيم يذمر خيله ويركبهم بها  .
وقد نُقل ان الأشرف بن حكيم بن جبلة العبدي من عبد القيس من أهل البصرة ، فارس، قتل مع أبيه حكيم بن جبلة قبل مجي‌ء عليّ (عليه السلام) إلى البصرة، قتله أصحاب عائشة مع سبعين رجلا من عبد القيس، و كانت عبد القيس، مخلصة في ولاء أمير المؤمنين (عليه السلام). فكان كأبيه من خلّص شيعة عليّ (عليه السلام)  . وكذلك ( الرعل بن جبلة العبدي البصري ) استشهد يوم الجمل سنة 36 ه. قتله أصحاب الجمل، قبل مجي‌ء أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البصرة، مع أخيه حكيم بن جبلة، و سبعين رجلا من عبد قيس. و كان حكيم، و أخوه الرعل من خيار الشيعة .
وقد خرجت عبد القيس وبكر بن وائل ترد جيش طلحة والزبير وعائشة عن البصرة بعد ان عاث فيها فساداً وقتلاً ونهباً لبيت المال وشراء الذمم ، قبل وصول جيش امير المؤمنين علي اليها ، فخرجوا حتى كانوا على طريق علي يؤمنونه  . وحين أقام علي بذي قار ينتظر محمدا ومحمدا قبل الجمل أتاه الخبر بما لقيت ربيعة وخروج عبد القيس ونزولهم بالطريق ، فقال : (عبد القيس خير ربيعة وفي كل ربيعة خير وقال:
يا لهف ما نفسي على ربيعة * ربيعة السامعة المطيعة
قد سبقتني فيهم الوقيعة * دعا علي دعوة سميعه
حلوا بها المنزلة الرفيعة ) 
اما قبيلة ( تميم ) فقد كانت مواطنها تمتد في البصرة التاريخية ، تشاركها فيها الازد ، وهذا ما وجده عتبة بن غزوان حين جاءها  ، في المركز الحالي حيث عشيرة زعيم تميم الأحنف بن قيس بني سعد وعندهم قبر طلحة بن عبيد الله الْيَوْمَ ، وبدو تميم بقيادة ابي الفرزدق غالب بن صعصعة في كاظمة اَي الكويت الحالية ، وأعرابها من بني عمرو وبني حنظلة عند شمال نجد ، وكانت بعض عشائرها في الكوفة . وكانت على ثلاثة فئات ، فئة تعرف مقام علي بن ابي طالب وحقه ، بقيادة ( مالك بن نويرة ) الشهيد ، وقد تمت إبادة قادة هذه الفئة على يد خالد بن الوليد . وفئة تعرف حق علي في الوصية ولم تعرف مقامه في الإمامة الا بعد حين ، مثل ( بني سعد ) الذين اعتزلوا الناس في وقعة الجمل ولم يشاركوا اَي من الطرفين ، شكاً في ان يكون لطلحة والزبير مقام من الدين كما يكون لعلي فيكونون قد نصروا على مسلم ، حتى ان ( طلحة ) قد دفن بارضهم ، الا انهم كانوا اول من أجاب في صفين حتى قبل درع علي ربيعة ، بعد ان خاطبهم امير تميم ( الأحنف بن قيس ) الا يخذلوا حق الوصي ، واحتج عليهم شاعرهم ( معاوية بن صعصعة ) ابن اخ الأحنف بما لعلي بن ابي طالب من مرتبة ومناقب في الإسلام  . وفئة أعرابية تقطن شمال نجد وغرب الكويت الحالي من بني ( عمرو بن تميم ) كانوا يشبهون ( بني ضبة ) ويحالفونهم ، لم يفقهوا مقام علي لبداوتهم ، وكان من السهل خداعهم بشعارات طلحة والزبير ومقام أزواج النبي . وقد كان قسم كبير من بني تميم انصاراً اشداء لعلي بعد واقعة الحكمين وخروج الخوارج وبدأ غارات أهل الشام .
و( السبابجة ) وهم قوم من السند ، كانوا يسكنون البصرة ، وكانوا في طاعة علي ، حتى قتل منهم جيش عائشة العشرات غدراً في ليلة مظلمة ممطرة ذات ريح ، اذ كانوا يحرسون بيت مال البصرة عند قدوم جيش طلحة والزبير والقرشيين وأعرابهم  .
لقد توزعت الشعوب في الشرق الأوسط القريب الى مركز الرسالة على شكل تجمعات ، كل تجمع كان يقترب من فهم علي بن ابي طالب بقدر اقترابه وفهمه السابق للإسلام . فكانت هناك ( ربيعة ) في العراق ، وهي من العرب العدنانية التي دخلت في الإسلام طوعاً مبكرا ، وصارت هي الأقرب لعلي بن ابي طالب . وكانت هناك ( مضر الحمراء = خندف ) في جنوب العراق ووسطه ، وكانت متذبذبة في اقترابها من الإسلام في بدء الدعوة ، وكذلك كانت علاقتها بعلي بن ابي طالب . وكانت هناك ( ازد العراق ) التي دخلت في الإسلام باكراً نتيجة علاقتها المباشرة بأزد المدينة من ( الأنصار ) ، وكذلك كانت علاقتها مباشرة ومبكرة بعلي بن ابي طالب . وهناك ايضاً ( مضر السوداء = قيس عيلان ) ، وهي قبائل أعرابية تقيم في إقليم نجد ، لم تدخل في الإسلام حتى بعد الفتح ، وقد كانت تروم القضاء على الدولة الإسلامية بالتعاون مع قريش ، لولا انتصار الرسول عليهم ، وقد صار جزء كبير منهم في جيش معاوية او خصوماً لعلي ، ومع هذا حاول علي واصحابه اختراقهم فكرياً لإكمال دعوة الإسلام فيهم . كما وجدت ايضاً ( ازد عمان واليمن ) ، وهم قبلوا الإسلام طوعاً وتخلوا عن ممالكهم دون قتال لكنّ بعدهم عن مركز الحضارة العراقية خلق فجوة معرفية بينهم وبين علي . ومثلهم ( ازد غسان ) في الشام ، اذ قبلوا الإسلام ، الا انهم تربّوا في حضن بني أمية بن عبد شمس الذي كان اول خلاف له مع هاشم جد الرسول خلافاً أخلاقياً ، حيث حسد أمية هاشماً ونبله ولم يستطع ان يأتي فعال الخير التي كان يأتيها هاشم ، رغم انه كان متمولاً ، الا انه كان من أهل الرياء الدنيوي  . واختلطوا بمهاجرة اليمن ، وكانوا جميعاً يعرفون الإسلام القرشي المعروض من بني أمية ومن حالفهم على الدنيا من قريش او شذاذ الصحابة ، لذلك كانوا اعداءً لعلي ، وكانت المهمة الأصعب هي اختراقهم ، الا انها كانت مهمة مرسومة في ذهن العراقيين من اتباع ال البيت . هذا كله بالإضافة الى الكتل البشرية من الموالي والأنباط والأقباط في العراق والشام وفارس ومصر ، وهي كتل تختلف في رتبها المعرفية ، فكانت تقترب من الإسلام ومن ثم علي بمقدار ميراثها الحضاري الفردي والجماعي ، وكانت تتاثر بمن يجاورها من العرب المسلمين ، الا انها قبلت الإسلام في الجملة .
وكانت جميع هذه الشعوب مقسمة الى بُطُون وقبائل وتجمعات تخضع بصورة كبيرة لأمرائها وقادتها ، وتتأثر بتوجهاتهم السياسية ، كما لعب العامل الحضاري وطريقة العيش والبداوة والتمدن والعلاقات التاريخية والتحالفات والحروب دوراً بارزاً في تشكلها الفكري .
ومن خطبة لعلي بن ابي طالب في اول خلافته يتحدث عن ( طلحة ) و ( الزبير ) ووقعة الجمل : وبايعني هذان الرجلان في أول من بايع، تعلمون ذلك، وقد نكثا وغدرا، ونهضا إلى البصرة بعائشة ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم. اللهم فخذهما بما عملا أخذة رابية ولا تنعش لهما صرعة، ولا تقل لهما عثرة، ولا تمهلهما فواقا ، فإنهما يطلبان حقا تركاه، ودما سفكاه  .
وقد جاءت ام المؤمنين ( ام سلمة ) بولديها محمد وسلمة الى علي في احدى حروبه وقالت : ( فقالت عليك بهما صدقة فلو يصلح لي الخروج لخرجت معك )  . (وروى) هشام بن محمد الكلبي في كتاب الجمل ان أم سلمة كتبت إلى على من مكة اما بعد فان طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون ان يخرجوا بعائشة ويذكرون ان عثمان قتل مظلوما وانهم يطلبون بدمه والله كافيكهم بحوله وقوته ولولا ما نهانا الله عنه من الخروج وأمرنا به من لزوم البيوت لم ادع الخروج إليك والنصرة لك ولكني باعثة نحوك ابني عدل نفسي عمر بن أبي سلمة فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا ) . وقد كان الناس جميعاً ارتدوا عن علي بمستويات وأسباب مختلفة قبل ذلك اَي عند وفاة النبي لجهلهم بمرتبة الإمامة ، الا ثلاثة هم المقداد بن الأسود وأبو ذرّ الغفاري وسلمان الفارسي ، الذي دارت عليهم المعرفة بعدئذ ، فعاد الناس الى علي عن قريب  . حيث كان يخطب سلمان في الناس يُبين علم ومنزلة علي واختصاصه بما أتى الله الأنبياء وان الامة أخطأت سبيلها بتركه وركبت فعل من كان قبلها  . وقد كان اختلاف رتبة عقيدة ومعرفة الناس العامل الأهم في العودة الى علي ، ففي الرواية ان حُذيفة كان أسرع من ابن مسعود ، لان حُذيفة كان ركناً وابن مسعود خلط ، لكنهم جميعاً عادوا . ومن السابقين الذين عادوا أبو الهيثم بن التيهان وأبو أيوب وخزيمة بن ثابت وجابر بن عبد الله وزيد بن أرقم وأبو سعيد الخدري وسهل بن حنيف والبراء بن مالك وعثمان بن حنيف وعبادة بن الصامت وقيس بن سعد بن عبادة وعدي بن حاتم وعمرو بن الحمق وعمران بن الحصين وبريدة الاسلمي  .
لذلك كانت الأقوام الأبعد عن مركز الرسالة في المدينة اكثر جهلاً بالواقع العقائدي ، وتستجيب لجميع من يقود الدولة الإسلامية كائناً من كان ، لثقتها بان المدينة تزخر برفاق النبي ومعاونيه وأهل بيته ، ومن أهل بيته – وفق المنظور العربي البدوي – أم المؤمنين عائشة ، لهذا كثر أخذ الحديث عنها ، لا سيما مع الدعاية المناصرة لسيرتها ، لتكون بديلاً عن مدرسة علي بن ابي طالب . خصوصاً مع تخلف مجموعة ممن يحسبون على الصحابة عن بيعة امير المؤمنين علي ، كانوا عثمانية الهوى ومن خزان بيت مال عثمان وممن اثروا على حساب الامة التي تجهل فعالهم  ، فيهم صهيب الرومي الذي جعله عمر بن الخطاب على الصلاة عند اختيار عثمان  ، وفضالة بن عبيد الذي ولي القضاء لمعاوية بن ابي سفيان ومات في دمشق تحت رعايته بعد ولي له الجيش  ، وقدامة بن مظعون خال أبناء عمر بن الخطاب وواليه على البحرين والذي حده على شربه للخمر وعزله  ،  وكعب بن عجرة الذي كان عابداً للأصنام دون أهل المدينة حتى تأخر إسلامه عنهم   . لكنّ هذه الدعوات والدعايات لم تكن تنطلي على الواعين من زعماء القبائل ، مثل زيد بن صوحان العبدي امير عبد القيس ، الذي حين راسلته عائشة ان يخذّل الناس عن علي ويجلس في بيته استغرب وقال ما مضمونه أمرتنا بأمر هي مأمورة به من الجلوس في بيتها ونهتنا عن امر هي منهية عنه وقد أُمرنا بالقتال  .
مع الأخذ بنظر الاعتبار المنع السياسي لكتابة الحديث النبوي من قبل قوى الانقلاب  ، فصار بالإمكان إخفاء الكثير من الحقائق ، وكذلك امضاء الكثير من القصص الملفقة ، والتأويلات غير المنطقية وغير الشرعية .
ففي صفين فان هاشم بن عتبة المرقال دعا الناس عند المساء وقال : ألا من كان يريد الله والدار الآخرة فإلي ! فأقبل إليه ناس كثير ، فحمل على أهل الشام  مرارا ، ويصبرون له ، وقاتل قتالا شديدا ، وقال لأصحابه : لا يهولنكم ما ترون من صبرهم ، فوالله ما هو إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتها ، وإنهم لعلى الضلال ، وإنكم لعلى الحق . ثم حرض أصحابه وحمل في عصابة من القراء ، فقاتل قتالا شديدا ، حتى رأوا بعض ما يسرون به ،  فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم شاب وهو يقول :
أنا ابن أرباب الملوك  غسان      والدائن اليوم بدين  عثمان  
نبأنا قراؤنا بما كان     أن  عليا  قتل  ابن عفان  
ثم يحمل ، فلا يرجع حتى يضرب بسيفه ، ويشتم ويلعن . فقال له  هاشم  : يا هذا ، إن هذا الكلام بعده الخصام ، وإن هذا القتال بعده الحساب ، فاتق الله ، فإنه سائلك عن هذا الموقف ، وما أردت به . قال : فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي وأنتم لا تصلون ، وإن صاحبكم قتل خليفتنا ، وأنتم ساعدتموه على قتله . فقال له  هاشم  : ما أنت  وعثمان  ، قتله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبناء أصحابه وقراء الناس ، وهم أهل الدين والعلم ، وما أهمل أمر هذا الدين طرفة عين . وأما قولك : إن صاحبنا لا يصلي ، فإنه أول من صلى ، وأفقه خلق الله في دين الله ، وأولى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وأما كل من ترى معي فكلهم قارئ لكتاب الله ، لا ينام الليل تهجدا ، فلا يغوينك هؤلاء الأشقياء . فقال الفتى : فهل لي من توبة ؟ قال : نعم ، تب إلى الله يتب عليك ، فإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات . فرجع الفتى ، فقال له أهل الشام  : خدعك العراقي . فقال : كلا ، ولكن نصح لي  .
ان بيان رسول الله مقام علي في غدير خم وتوليته بولاية النبي على المؤمنين والمؤمنات بعد ان نعى اليهم نفسه كافية لأي عاقل في قبول حق علي بالولاية السياسية والدينية . وتهنئة عمر بن الخطاب لعلي يومها  لا تترك لبساً في فهم الناس لمفهوم هذه الولاية . الا ان سيف علي في جهاد أهل الشرك كان اثار النفوس ضده ، وجعل قبائل الاعراب تنتظر في أمره اَي طارئ ، وهو ما وفره الانقلاب . وبعد اسلام قريش الاضطراري ، وإسلام الأعراب من قيس عيلان ، وكما هو واضح من اضطرار النبي للمرة الأولى في جميع مشاهده ان يستخلف علياً على المدينة ، وقد كان حامل لوائه في كل المعارك ، في غزوة تبوك ، الغزوة الأولى بعد دخول جميع قريش وقيس عيلان في الإسلام ، لأسباب سياسية تتعلق بأمن الدولة الإسلامية ، كان النبي حريصاً بما لا يدع مجالاً للريب ان يتخلص من كل المرجفين في امر علي ، فأنفذهم في سرية أسامة بن زيد ، وفيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن ابي وقّاص واخرون . وكانت هذه المرة الثانية التي يبعث فيها النبي من لا يثق به من المهاجرين في سرية بعيدة ، اذ بعث أبا عبيدة بن الجراح وسعد بن ابي وقاص في سرية عبد الله بن جحش الى عمق التحالف النجدي القرشي في بطن نخلة بين مكة والطائف ، ولم يخبرهم بالمهمة مباشرة ، فبكى أبو عبيدة قبل تحرك السرية ، فتركه النبي ، وهو بكاء خائف لا شك ، وتخلف سعد بن ابي وقاص بعد علمه بخطورة المهمة ، وان كان القوم قد أوجدوا لابي عبيدة عذراً بانه بكى صبابة لرسول الله ، وان سعداً وعتبة بن غزوان تخلُّفا يبحثان عن ناقة ضلت  .
وقد كان النبي يعلم انه مودّع ، وان الحال ليس حال بعثة عسكرية عند التروي ، لكن ما شاء ان يحضر احدهم امر الخلافة بعده ، ولو شاء ما ارسله ، بل أقصاهم الى ارض بعيدة هي ارض الروم . فيما جعل عليهم أسامة بن زيد الشاب الصغير أميراً ، توكيداً للحجة في استخلاف علي بن ابي طالب ، كيلا يقولوا هو صغير وفِي المهاجرين من هو اكبر منه . وقد اعترضوا على إمرة أسامة ، فنهاهم النبي بعد ان غضب منهم . ولما رأى النبي منهم الخذلان وعدم الخروج كان يكرر – حرصاً على حق علي – أنفذوا بعث أسامة   . الا انهم خالفوا أمره وتركوا السرية وعادوا الى المدينة يتربصون . وراحوا يقيمون الصلاة ، مرة لعمر ومرة لابي بكر ، باقتراح من ( عبد الله بن زمعة )  ، حفيد الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي  ، الذي كان من المستهزئين برسول الله ، ويكنى  أبا زمعة  ، وكان وأصحابه يتغامزون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ويقولون : قد جاءكم ملوك الأرض ومن يغلب على كنوز كسرى وقيصر ، ويصفرون به ويصفقون ، فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعمى ويثكل ولده ، فجلس في ظل شجرة  فجعل جبرائيل  يضرب وجهه وعينيه بورقة من ورقها وبشوكها حتى عمي ، وقيل : أومأ إلى عينيه فعمي فشغله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقتل ابنه معه ببدر  كافرا ، قتله  أبو دجانة  ، وقتل ابن ابنه  عتيب  ، قتله  حمزة  وعلي  ، اشتركا في قتله ، وقتل ابن ابنه  الحارث بن زمعة بن الأسود  ، قتله  علي  . والذي نال رعاية خاصة من الخلفاء الثلاثة بعد هذا ، وهو الذي ضرب الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود في خلافة عثمان وبأمره . ومنه نعلم ان هذه الأحداث لم تكن عفوية أبدا .
فلما رأى النبي منهم هذا الفعل أيقن ان حق علي بن ابي طالب يحتاج الى الكتابة ، فأمرهم باحضار ما يكتبه به وفيه ، الا انهم عمدوا الى التشكيك في صحة النبي العقلية ، بقول عمر بن الخطاب ان النبي غلبه الوجع او انه يهجر  . فخشي النبي ان يسري التشكيك الى كل رسالته ، لا سيما ان قبائل الاعراب المهزومة حديثاً تتربص السوء بالمدينة وهي الأقرب اليها من قبائل العراق الموالية ، فتنهار الدولة وتتمزق قبل وصول عصائب أهل العراق ، الامر الذي يعطي الروم والفرس فرصة القضاء عليها . فاضطر النبي الى طرد الحاضرين من المكان بياناً لما هم عليه من السوء . ولا ندري كيف شكك عمر بن الخطاب بشرعية ما يكتبه النبي من وصية اثناء مرضه ثم يجلي اليهود وأهل الكتاب من جزيرة العرب اثناء الشطر الثاني من خلافته لحديث روي اليه انه قاله النبي اثناء مرضه الذي رحل فيه ، اَي بعد عشرات السنين ، فبدا لعمر في أهل الكتاب ما لم يبد للنبي ذاته ولا لابي بكر اثناء خلافته ولا لعمر اثناء الشطر الأول من خلافته ، بحديث مدعى قال ان النبي قاله في ذات الحال الذي شكك في شرعيته عمر  . ولا احد يعلم بواطن عمر الغريبة ، اذ هو شخصية تخفي الكثير من الأسرار اذ لم يكن شخصاً سمحا صادقا ، فقد اعترض بشدة وانتقد الرجل المسلم الذي قام بين يدي رسول الله قبل وفاته واعترف بانه قد نافق ، فهو لم يكن يرى الاعتراف بالامراض الداخلية حتى لنبي ، والله العالم بما كان يبطن ، حتى ان الكلمة التي قالها عمر عندما رد عليه رسول الله اعتراضه في تلك اللحظة لم ينقلها لنا رواتهم ، سوى انهم قالوا ان رسول الله قد ضحك ، الامر الذي يكشف ان عمراً لم يكن يدرك معاني القيادة النبوية وانه كان يحث على النفاق ضمنيا  .
وقد أخذ الثلاثة الخلفاء امر السلطة بالخدعة ، فأبو بكر قال ان ولايتها بالشورى ، ولم يكن من مشير . ومن ثم أفضاها الى عمر بن الخطاب بالوصية  ، ولم يقبلوا قبلاً الوصاية بعلي . ولا نعرف كيف ردوا دعوى علي في حقه بالخلافة ورسول الله يقول ( لا تشكو علياً فوالله انه لأخشى في ذات الله – او في سبيل الله - من ان يشكى )  . وعمر جعلها في ستة يبغضون علياً  ، وفيهم ثلاثة سلبوها من علي في اول الامر عند وفاة رسول الله وبايعوا مع عشائرهم أبا بكر هم عبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابي وقّاص الزهريان وعثمان بن عفان الأموي  ، كما ان الشخص الذي لكفته الترجيح عند التساوي عبد الرحمن بن عوف صهر عثمان بن عفان وابن عّم سعد الذي لم يبايع علياً حتى مات  ، فيما رابعهم طلحة بن عبيد الله قتل علي بن ابي طالب عمه وإخوته على الإسلام . ولا نعلم فضل هؤلاء على صحابة رسول الله مثل ابي ذرّ والمقداد وعمار وسادة الأنصار مثل قيس بن سعد بن عبادة . حتى صار الامر – جراء هذه السياسة الدنيوية لاستلاب السلطة – كما وصفه أبو فراس الحمداني  :
الحق مهتضم والدين مخترم * وفئ آل رسول الله مقتسم 
قام النبي بها يوم الغدير لهم * والله يشهد والأملاك والأمم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبها * باتت تنازعها الذؤبان والرخم
وصيروا أمرهم شورى كأنهم * لا يعلمون ولاة الحق أيهم
تالله ما جهل الأقوام موضعها * لكنهم ستروا وجه الذي علموا
ثم ادعاها بنو العباس ملكهم * ولا لهم قدم فيها ولا قدم 









تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات