بين السلفية والصفوية 3


5 – الحدة والسلبية في الحوار : يتميز الطرفان الشاذان بانهما سريعا الانفعال ومن ثم الهجوم على خصومهما , ويلجئان غالبا الى علاج ( الكي ) , قبل تجريب اية دواء آخر , فالسلفيةوتماشيا مع تنظيرات كبرائها المكتوبةتفضل دائما ( تطهير ) ارض المسلمين من ( اهل البدع ( المخالفين لهم عبر آلية القتل او السجن . فيما تفضل الصفوية اللندنية سبيلي قطع الارزاق والقتل المعنوي لشخصية المخالف .
6 – خلق اصول جديدة للدين : وهي مجموعة اضافات فرعية اجتهادية شاذة يتم احتسابها على الاصول المقدسة للدين والشريعة , نابعة عن الفهم العنصري لكل من السلفية والصفوية . مثل ) التطبير ( و ) جهاد اهل البدع , وهم المخالفون لهم باحد الآراء ( و ) الاحتفال بموت مخالفسابق او معاصر شيعيا ام سنيا كان  - واتخاذه عيدا سنويا ( ... الى آخره .
7 – التركيز على نقاط الخلاف وترك المشتركات : وهو منهج خالفوا فيه جميع علماء الامة السابقين من السنة والشيعة , والذين كانوا يلتزمون في اغلب الاحيان التركيز على المشتركات ونبذ المسائل الخلافية . ففي مضمون احد الروايات : ان مجموع من اهل السنة في بغداد دخلوا على الحسين بن روح النوبختيوهو احد السفراء الاربعة للحجةشاكين في انتسابه الى الشيعة ام السنة , فخرجوا وهم يظنون انه منهم . ومن هنا نعلم مدى حرص علمائنا على حصر النقاش في الخلافيات على الكتب العلمية وابعادها عن العامة . فيما تركز قنوات الدم الفضائية للسلفيين والصفويين وكذلك مؤلفاتهم على القضايا الخلافية حصرا , والعمل ليلا ونهارا على دفع اعين العامة عما نشترك فيه جميعا كمسلمين من عقائد .
والامر هذا لم يأتِ من فراغ بكل تأكيد , بل هو منهج مرسوم من قبل جهات تشرف على حركة الفريقين , مع جهل قواعدهم بما يجري طبعا .
8 - الانتماء اللندني : لا يشك عاقل مطلع ان الفضل الاولبعد البداوةفي تأسيس الوهابية , وهي النسخة المحدثة للسلفية التأريخية , يعود الى الجهد البريطاني المباشر عبر الدعم اللوجستي والمباشر , من خلال مجموعة كبيرة من الضباط البريطانيين , امثال فيلبي و لورنس , فيما يدرك المتابع للاحداث مقدار الدعم القانوني والمالي الذي توفره بريطانيا لساكنيها من الصفويين , امثال الحبيب والشيرازي .
9 - اعلام اللطم والقتل وتغييب اصحاب الفكر والنهضويين : فيما تقوم المنظمات والمجموعات الانسانية بتأسيس القنوات الفضائية والوسائل الاعلامية باموال التبرعات لنشر الوعي والتحضر , نرى الاعلام السلفي الصفوي , والذي يطفو على سيل هائل من الاموال مخصصصفوياللطم والصور الدينية الشكلية , وسلفيالسفك الدماء والتحريض على القتل شمالا وجنوبا وشرقا وغربا . في حين يمتلك قطبا الامة من السنة والشيعة فكرا وهاجا وعقلا فذا وبعدا فلسفيا تمكن الاعلام من التأثير والتغيير الاصلاحي الكبير , ولكن للاسف ليس هو ما يبحث عنه السلفية والصفوية .
ففي حين نرى غياب المرجعيات الاصلاحية الواعية امثال الشهيدين الصدرين والشيخ محمد اليعقوبي والسيد محمد حسين فضل الله والشيخ حسين المنتظري وغيرهم عن وسائل الاعلام الصفوية , نرى كذلك غياب شخصيات عملاقة من امثال الدكتور عدنان ابراهيم وافكار سيد قطب ومالك بن نبي وغيرهم عن الاعلام السلفي الواسع .
ففي معرض انتقاده لبعض المشايخ المحسوبين على السلفية لكنهم اظهروا شيئا من الاعتدال المحلي , يقول ( خالد عبد الرحمن ) احد مشايخ السلفية في مصر : )هؤلاء يا أخي أولاً: يُرَبُّون تلامذتهم على تعظيم أهل البدع، وأنا أضرب لك مثالاً الآن، محمد بن إسماعيل المقدم اللي هو يعتبر من كبار مدرسة الإسكندرية له كلام لَمَّا تكلم عن سيد قطب، فمدحه مدحًا عظيمًا، وماذا قال؟: "عاش سيدًا ومات قطبًا، وقَدَّم روحه للإسلام" ومَجَّد الرجل تمجيدًا عظيمًا ) .
لماذا هذا الانتقاد ؟  , نستشف من العبارات الاخرى لهذا الشيخ السلفي ان سبب طعنه في سيد قطب ناتج من اقدام سيد قطب على البحث في التأريخ الاسلامي وتحليله لاحداثه واشارته لبعض مفارقات هذا التأريخ ونقد بعض رجاله الذين رفعهم القلم السلطاني , في خطوة لا تستسيغها السلفية الجامدة كالحجر والملغية لدور العقل , وكلام هذا السلفي موجه للعوام ليدغدغ مشاعرهم , لانهم يقدسون هذه الاسماء , وهم لن يبحثوا في التأريخ , كما بحث مجتهد كسيد قطب .
10 – التوجه الى العوام بالخطاب والتهرب عن مواجهة العلماء : حيث نرى بوضوح ان مستوى الخطاب السلفي الصفوي بعيد جدا عن المنهج العلمي , وهو متوجه كليا نحو العوام , لدغدغة العواطف واللعب على وتر شد الاعصاب . وبنفس الوقت يكون رجل الدين السلفي الصفوي متأثر بآراء العوام وعواطفهم , وينطلق في كثير من الاحيان بمواقفه كردة فعل لمطالب العوام , وهذا نراه واضحا في الموقفين المتناقضين للسلفيين لما قبل وبعد الثورتين الليبية والمصرية , حيث اعلنوا قبل الثورتين حرمة الخروج على الحاكم , فيما افادوا بعد نجاح الجماهير في الصمود انهم يباركون حركة الجماهير , ولعل اوضح تلك المواقف كان موقف زعيم السلفية في مصر محمد حسّان . ومن طريف عوام السلفية ما وجدته من استدلال لتعرف نفسك , هل انت سلفي ام لا ؟ , ففي احد النقاط جاء : (هل أنت مسلم تؤمن أن النبى لم يحتفل بعيد ميلاده ولا أحد من الصحابه فعل هذا ؟ فإطمئن أنت لست من أصحاب البدع إذاً فأنت سلفى ) !! .
اما في الطرف الشيعي يقول علي شريعتي : ( إن رجل الدين الصفوي، وإن كان يرتدي في الظاهر نفس الزيّ الذي يرتديه علماء الشيعة، إلا أن المخاطب عنده دائماً هو عوام الناس حتى في مجال البحث العلمي. وهو يتهرب من مواجهة العلماء وأهل التخصص، ومع أنه يزعم إنه عالم شيعي ويدعي أنه مرجع للعوام في معرفة أمور دينهم، فإنه في الحقيقة مقلّد لعوام الناس وليس سوى أداة رسمية لإصدار الأحكام على ضوء ما استنبطه مريدوه تبعاً لأهوائهم ومزاجهم، وبالتالي فهو ببغاء تردد ما يقوله العوام حتى في مجال الاعتراض على نظرية واردة في بحث وكتاب، فتراه يصرّح بإن النظرية الفلانية في الكتاب الفلاني باطلة ومخالفة لموازين الشرع المقدس، وعندما يُستفسر منه عن الموضع الذي استند إليه في إصدار فتواه يقول إنه لم يطلع على تفاصيل الكتاب ولكن عدداً من الوجهاء المعروفين وفدوا عليه وقالوا له ان الكتاب الفلاني ينطوي على أفكار ضلال ويجب أن تفعل شيئاً يحول دون أن يقرأه عوام الناس ) .
11 - التسامح في منح الألقاب أو الأوصاف أو المستويات العلمية دونما ضوابط أو معايير : ففي المدرسة الشيرازية يكفي في ذلك الانتساب الى البيت الشيرازي , او بلوغ مستوى معين من الدراسة لا يمكن مقارنته مع السطوح المتوسطة للحوزة النجفية . اما السلفية وكما وضح الشيخ علي جمعة : يكفي في ذلك دراسة بعض الكتب البسيطة والمختصرة , وكذلك تلعب العوامل الاعلامية والشعبية والعملية لدى السلفية دورا كبيرا في منح الالقاب التي هي اصلا متميعة لدى المدرسة السلفية عموما .
12 – معاداة الفلاسفة والعارفين والمتصوفة : ان من عجيب ما اطبقت عليه السلفية والصفوية اللندنية هو ضلال وكفر جميع العارفين والمتصوفة , ونبذهم للمنهج الفلسفي , وسريان مقولة ( من تمنطق تزندق ) بين الكثير منهم .
يقول ياسر الحبيب في جوابه على سؤال (ما الفرق بين العلم و الفلسفة؟ ): (الفرق الجوهري هو أن الفلسفة ليست بعلم بل هي تخرصّات اكتسبت ثوب العلم بتوسط بعض المبادئ العقلية الصحيحة إلا أنها لا توصل إلى شيء من الحقائق كالعلم، ولهذا نهى عنها الأئمة الأطهار (عليهم السلام)  وتبرّأوا ممن يميل إليها ) .فيما كان ولازال الشيعة منذ زمن الائمة المعصومين عليهم السلام هم سادة الفلسفة واشهر من اضاف اليها ونوّر طريقها .
والاسباب التي تدفع المدرستين الى معاداة المناهج العرفانية والفلسفية تتلخص في الآتي :
اولا : ان المدرستين ماديتين يعملان وفق منهج الانا لذلك لم يكن باستطاعتهما ان يدخلا او يستوعبا المنهج العرفاني الرباني .
ثانيا : ضعف المدرستين علميا , مما اعجزهما عن استيعاب الفلسفة الاسلامية العالية , فاختصرا الامر برفضها كليا .
ثالثا : ان المدرستين يشكل الانتماء اللندني جزءا كبيرا من ذاتهما , لذلك هما يقفان دائما ضد من يشكل خطرا كبيرا على منهج التخريب الغربي , وهذا ما يخفى على الكثير من بسطاء المسلمين .
فها هو ياسر الحبيب ومجتبى الشيرازي يصرحون في جملة من كلماتهم , وابرزها موجود على موقع ياسر الحبيب , بقاعدة كلية يُقاس عليها الجميع , مفادها ( العرفان انحراف وضلال ) , لذلك هم يعدون جميع العارفين واصحاب منهج السلوك القلبي ضالين ومنحرفين , بل عدوهم في بعض الاحيان كفرة . في حين انهم يجهلون كليا ما يعني العرفان , ففي سؤال لياسر الحبيب عن رأيه حول شخصية ( احمد القبانجي ) , وهو رجل معمم علماني النزعة مادي الاتجاه مختلط التفكير , اجاب بكلام عجيب غريب لكنه مقصود : (هو عرفاني منحرف يُضحك الناس عليه.) , بينما كلناكشيعةنعرف ان احمد القبانجي ابعد ما يكون عن المنهج الديني , فضلا عن العرفان .
فيما تصر السلفية على ضلال منهج التصوف , كقاعدة كلية , وبالتالي انحراف جميع الصوفية او المتصوفة , وكذلك يرى السلفيون ضلال اصحاب المنهج الفلسفي , ويعدونه ضربا من الالحاد والقول المنكر ؟.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات