بين السلفية والصفوية 2


لقد حاول الكاتب ( حافظ البناني ) في بحثه ( ازمة التيار الشيرازي ) النأي بمرجعية عائلة الشيرازي عن سلبيات الممارسات التي يقدم عليها ( التيار الشيرازي ) , عبر الفصل بين المرجعية وانصارها وقواعدها . الا ان هذا الامر ليس بواقعي , لعدة اسباب , اهمها ما ذكره الباحث ذاته من ركاكة المدرسة وتساهلها في منح الالقاب والدرجات العلمية , وكذلك ما يمكن ان نضيفه :
1 – مجمل منظومة العمل داخل المدرسة الشيرازية وطرق ومناهج التربية فيها , والتي افرزت لغة حادة وحجج ضعيفة .
2 – اختزال المرجعيةالنائبة عن الامامفي ثوب عائلي , افقد المدرسة سمة الحياة , وركز الامراض الداخلية .
3 – عدم نبذ المرجعية الشيرازية للاصوات الشاذة والمسيئة داخل التيار الشيرازي .
4 – تمايز المدرسة عن باقي الخطوط الشيعة بنحو قريب من الحزبية .
5 – التركيز العقائديسيما في الخلافيات - , مما ساهم في خلق اجواء مشحونة كليا داخل التيار الشيرازي , كانت تحتاج الى شرارة صغيرة فقط لتنفجر .
لذلك فان المرجعية الشيرازية تتحمل جزءا كبيرا من السلبيات التي افرزها تحرك التيار الشيرازي اسلاميا .
لقد تشابهت المدرستان السلفية والصفوية  اللندنية حتى كانهما تخرجتا على معلم واحد , لكنهماظاهراافترقا في المقاصد العلنية . اما ابرز نقاط الالتقاء فيمكن تمثيلها بالاتي :
1 – الضعف والركاكة العلمية : حيث نرى ان المنهجين يلتزمان ضعيف الروايات والغث منها , بل ويسيئان حتى فهم متن تلك الروايات الضعيفة . فالسلفيون يكفي في تصديهم لتدريس الناس او تكفيرهم قراءة بعض الكتب لفترة وجيزة .
وقد استثارني قول احد الاخوة لي مرة , ذكر فيه سعة مؤلفات احد مراجع المدرسة الشيرازية وعددها الضخم لابحث عنها واتتبعها , لكنيكابن لمدرسة النجف العلمية تربية لا دراسة وانتماءافوجئت بمستوى بعض تلك الكتبولم اقرأها كلها - , التي اختصرت وصفها بعبارة واحدة : انها لا تعدو احاديث العوام شيعيا .
و في سؤال تم توجيهه لاحد مراجع المدرسة الشيرازية حول ظاهرة ( التطبير ) وعن مستندها الروائي رأيناه يجيب برواية ) محمل زينب عليها السلام ( الضعيفة متنا , لتعارضها مع الثوابت الشرعية , وسندا , بسبب الارسال , ويقويها ببكاء العلماء يعرفهم هو - عند سماعها !, وهذا نحو من الاستدلال عجيب .
ويكتب احد ابرز الرموز العلمية للمدرسة الشيرازيةاستاذ للبحث الخارجكتابا استدلاليا عن نفس الظاهرة , مستدلا على شرعيتها بروايات غريبة , مثل ( جرح ارجل الانبياء وتعثرهم ( ! .
وفي استدلال غريب لياسر الحبيب على ايمان احد المجوس - الذي لم يأتِ نص باسلامه فضلا عن ايمانه - نراه يذهب يمينا وشمالا , ويستدل بالمقلوب , لا لشيء سوى ان هذا المجوسي اغتال احد الصحابة الذين يجاهر ) الحبيب ( بعدائهم ! , رغم انه يعلم كما يعلم الجميع ان هذا المجوسي كان غلاما لاحد اعداء اهل البيت , ويسير في ركابهم , معتمدا على كتاب مثل ) الهداية الكبرى للخصيبي ( , وتاركا للكتب المعتبرة لدى الامامية .
وهولاشكاستدلال غريب وعقيم ومضحك مبكي , لم يكن القصد منه الا اثارة المدرسة الاسلامية الاخرى المقابلة للمدرسة الاسلامية الشيعية . فكتاب )الهداية الكبرى للخصيبي ( مطعون فيه وفي كاتبه , والذي استقر رأي الغالب من علمائنا على ) غلوه ( .
اما السلفيون , فلاحاجة للاسترسال في بيان ضعفهم العلمي , بعد ان بينه شيخ الازهر ) علي جمعة ( بمحاضرة قيمة مسجلة , حيث اشار الى المنهج التدريسي للسلفية , ومنحها صك العلمية بفترة وجيزة للدارس هي بحدود 1 \ 40 قياسا بالمنهج العلمي الازهري , ولذلك فالحماسيون من الشباب والاسلامويون يفضلون الانتماء لهذه المدرسةالسلفيةحرقا للمراحل الزمنية الطويلة , ولكن على حساب المادة العلمية , وبالتأكيد فان المنهج السلفي صار بهذه الصورة لان مؤسسيه لم يكونوا يهدفون للنضج العلمي , لكنهم ارادوا صورة العلم وغطاءه لتحقيق اهداف سياسية .
ولعل من ابرز مظاهر ركون السلفية الى الضعيف في الاستدلالعلى كثرتهاعتمادهم في تكفير طائفة تقدر بحدود نصف الامة الاسلامية , وهم الشيعة , على رواية ) وضّاع , كذاب ( هو ) سيف بن عمر التميمي ( , الذي ادعى ان مؤسس مذهب الشيعة هو يهودي اسمه ) عبد الله بن سبأ ( , حيث نسب اليهوتبعته السلفية في ذلككل الاحداث والمصاعب التي طالت زمن الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله , غاضا الطرف عن حقيقة ما جرى بين الصحابة في زمن النبي , وفي يوم السقيفة , ويوم حرق دار فاطمة بنت رسول الله , وجرّ علي الى المسجد , ونبذ ابي ذر الى الربذة , واغتيال سعد بن عبادة زعيم الانصار , واستئثار بني امية بالملك , وهلم جرا , وغافلا عن رؤوس الشيعة من الصحابة الاجلاء , امثال سلمان المحمدي وعمار بن ياسر والمقداد وابي ذر الغفاري وزعماء الانصار مثل قيس بن سعد بن عبادة , ووجوه الكوفة مثل هانئ بن عروة و مالك الاشتر , واعمدة اليمن مثل قبيلة همدان .
2 – تكفير عامة المسلمين : الطريف ان الجهتين يكفر كل منهما نصف المسلمين , فالسلفية تقول بكفر الشيعة وضلال باقي المسلمين ممن يخالف منهجهم كالاشعرية والماتريدية , والصفوية المنهجية تقول بكفر السلفية وعموم من شابههم في الاعتقاد وبضلال من يخالفهم منهجهم , حتى وان كان شيعيا .
يقول الشيخ عباس الموسى في أواسط عام 2009م، والموسى عالم دين شيعي يسكن القطيف: )"مجتبى الشيرازيأحد المنسوبين للتشيعلم يبق إلا أن يكفر الشيعة قاطبة ويبقى هو الشيعي الوحيد في العالم، لقد كفر علماءنا ولا من متحدث!!"(.
وبحسبة بسيطة نستنتج : الشيعة كفار وضالون + السنة كفار وضالون = جميع المسلمين كفار وضالون , وهو المطلوب والغاية النهائية , بعد ان ادّى كل واحد منهما دوره لضرب الاسلام .
والشواهد على ما ندعيه كثيرة , فالسلفية لانحتاج الى وضع ما يشهد عليهم , لان قنواتهم الدموية الفضائية تملأ الافق , ويكفي في الاستدلال على ذلك قراءة جميع مباحث ) المبتدعة ( ووصفهم وحكمهم في مؤلفات بن تيمية وتلامذته حتى العصر الدموي للسلفية الوهابية الحاضر .
اما الصفوية اللندنية فسنذكر مجموعة من الاسماء التي يرون ضلالها من الشيعة فقط :
القسم الاول : رموز الشيعة :
محمد بن الحنفية , المختار الثقفي , ابراهيم بن مالك الاشتر .
القسم الثاني : مراجع الشيعة :
محمد باقر الصدر , محمد الصدر , محمد اليعقوبي , محمد حسين فضل الله , كاظم الحائري , الخميني , علي الخامنئي , حسين المنتظري , ناصر مكارم الشيرازي , محمد تقي بهجت , الفيض الكاشاني ..
القسم الثالث : الاصلاحيون والمفكرون من الشيعة :
مرتضى المطهري , علي شريعتي , حسن الصفار , مرتضى القزويني وولده , موسى الصدر , محمد خاتمي , كمال الحيدري , ملا صدرا , جمال الدين الافغاني , هادي المدرسي ..
وكما هو واضح فالعملية اسقاط لمجمل مذهب الشيعة الامامية , وبالجملة , والغريب ان كل ذلك يتم على يد مجاهيل في عالم المعرفة ! .
3 – الاهتمام بالصور الدينية : يركز الجانبان بصورة حدية على دين المظهر , حيث صار بامكان من اطال لحيته وقصّر ثوبه وتكلم ببعض الاحاديث التي لا يعرف كنهها ان يحظى بثقة السلفيين . بينما تلتزم الصفوية اللندنية بتوفير ما يشبه طقوس المعابد الوثنية , ولعل ابرزها ) التطبير ( , الذي اضفوا عليها لقب ) المقدس ( , بجرأة غير معهودة , لان ) التطبير ( ظاهرة لا يتجاوز عمرها المائة عام , فمن اين حظيت بالتقديس ؟ وهي لم تشرع من قبل المعصوم , ولم يمارسها السابقون من شيعة اهل البيت , بل ويحرمها اغلب علمائنا المعاصرون , او ينهون عن ممارستها بنحو احترام سمعة المذهب , وكذلك يلتزم الصفويون اللندنيون بصور عزائية مستوردة من ثقافات اخرى , كشرط من شروط التدين , وتنفق عليها سيلا من الاموال المهدورة .
4 – الغلظة والفظاظة : ان القذف والطعن والتشويه للخصوم ابرز مظاهر الجدال مع السلفيين او الصفويين اللندنيين , وهم يعتقدون ان ذلك غضب لله ودينه , مما ساهم بنفرة المثقفين والاكادميين بعيدا عن الكثير من المظاهر الدينية . فلو ناقشنا اي سلفي سوف نستقبل سيلا من التهم والشتائم والافتراءات البعيدة كليا عن محور النقاش .
يقول الكاتب محمد البدري : )فلا يكاد احد الوهابيين الحديث عن الاسلام الا وكان العنف والجهاد والحرب كاول ما ينطق به ويجيزه للدعوة. حيث يقول احدهم ممن حازوا فضائية انه ما شرع الجهاد الا من اجل الدعوة ويكررها كثيرا في احاديثه. فما تطالب به السلفية الوهابية حاليا يخالف ما جاء ترسخ في عقل المسلمين بان الاسلام دين رحمة.) .
وكذلك نلاحظ ذات المظاهر في حوارات الصفويين اللندنيينامثال ياسر الحبيب ومجتبى الشيرازي - , حيث اننا سوف نلاحظ بسرعة عبارات مثل ( بتري , بكري , ضال , كافر ... ) الى آخره من العبارات التي لا يستقيم معها الحوار الاسلامي .
فيما جاء في بعض ادعية مجاميع بعنوان ) محبي آية الله السيد مجتبى الشيرازي ( على الانترنت-  اذا كان له محبون واقعا -  جمل لا تحمل سوى الاساءة المتعمدة وغير العلمية لبعض الرموز الاسلامية , لا يمكن قراءة اية فائدة فيها سوى اثارة الآخر . بل هي اقرب لعبارات الشارع غير الملتزم وغير المحتشم , وبصيغ طفولية مراهقة ! .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات