الحركة المقتدائية بين الاهداف والواقع

الحركة المقتدائية
بين الاهداف والواقع


علي الابراهيمي

a1980a24@yahoo.com

a1980a24@gmail.com


اولى ارهاصات هذه الحركة بدأت قبيل سقوط النظام الدكتاتوري في العراق عندما خرج طلبة البحث الخارج واغلب طلبة السطوح العليا مبتعدين ومستقلين عن عمل المكتب الذي اصبح يديره السيد مقتدى مع بعض الطلبة ذوي المراتب الدينية المتوسطة وبعض طلبة المقدمات ومن ثم التحق بهم الكثير من طلبة الحوزات الاخرى بعنوان ( التوبة ) و ( اليقظة من غفلة عدم نصرة السيد محمد الصدر ) وهنا كانت اولى التناقضات التي سببت مشكلة لهذه الحركة المقتدائية والتي سنعرض لها في مستقبل البحث .
وبعيدا عن وقائع تشكل هذه الحركة والاحداث التأريخية التي ساهمت في نشأتها ومدى قربها وبعدها عن فكر السيد محمد الصدر وهل طروحاتها منطقية وشرعية فان ما يهمنا في هذه المرحلة التأريخية الاولى الاسس والاهداف التي حاولت الحركة المقتدائية الاتكاء عليها وتبنيها انذاك وهما :
1 - الناطقية
2 - الدفاع عن خط ولاية الفقيه ( العراقي ) .
ثم انتقلت الحركة بعد سقوط النظام الديكتاتوري عام 2003 واحتلال العراق الى تأسيس ( جيش المهدي ) وادخال عنصر ( الحماسة ) الى واقع عمل الحركة ليلتحق بها الكثير من الشباب دون سن العشرين ولتضيف الى مجموعة اسسها واهدافها ثلاثة اهداف اخرى هي :
3 - الدفاع عن المرجعيات الدينية في العراق
4 - اخراج المحتل الاجنبي
5 - رفض العملية السياسية برمتها بما فيها الانتخابات بوجود المحتل على الاراضي العراقية .
وانتقلت الحركة المقتدائية اخيرا الى مبدأ رفض الحكومة الظالمة والصراع معها عسكريا فاضافت مبدأين هما :
6 - الدفاع عن المظلومين
7 - مقاومة السلطة الجائرة .
وكل هذه المبادئ تستند وتتكأ على الاساس الاعظم للحركة المقتدائية وهو ( اعلمية ) السيد محمد محمد صادق الصدر المستمرة لاربعين سنة بعد رحيله وتركه لمستحدثات فقهية تتماشى مع التقدم الحاصل خلال هذه المدة الزمنية الطويلة نسبيا ! ثم ظهر شعار ( اوحدية ) السيد مقتدى الصدر في قيادة هذه الحركة لعدة اعتبارات طرحتها الحركة !!
كان من اللازم على الحركة المقتدائية باعتبارها حركة اسلامية شيعية ان تجد لها مستند شرعي ومرجعية تلتزمها حتى يكون عملها ممضى من قبل الشريعة الاسلامية حسب الفقه الامامي لكن على شرط الا تكون هذه المرجعية متعارضة مع مبدأي ( الاعلمية والاوحدية ) اعلاه لذلك كان من الصعب ايجاد هذا النوع من المرجعيات في الساحة العراقية بسبب تواجد المرجع المفترض على الارض العراقية وبالتالي التصادم مع مبدأ ( الاوحدية ) في قيادة الخط فكان لزاما ان يكون المرجع الجديد خارج الاراضي العراقية ليتسنى لرجالات الحركة اعلان السيد مقتدى الصدر قائدا وممثلا للمرجعية الجديدة في العراق واستغلت الحركة اشارة السيد محمد الصدر للسيد كاظم الحائري - المتواجد في ايران - والذي كان بحاجة الى منفذ للدخول الى العمق العراقي فتوافقت الارادتان فاعلن السيد الحائري ان السيد مقتدى وكيله في العراق لكنه مالبث ان ارسل وكيلا اخر من ايران ليكون وكيله الفعلي ويكون السيد مقتدى الصدر وكيله التسويقي او الصوري او المنفذ الملائم لادخال السيد الحائري الى الميدان العراقي . لكن الصفقة تضاربت مع مبدأي كلا الرجلين - الحائري ومقتدى - حيث تجاوز الحائري رأيه المشكك بوالد السيد مقتدى الصدر ( علما وعملا )
حيث اتسمت اجاباته عن الاستفتاءات المتسائلة عن السيد محمد الصدر بالغموض والضبابية ليبتعد عن التصادم مع ركيزة الحركة المقتدائية باعلمية السيد محمد الصدر وتجاوزت الحركة المقتدائية مبدأها في الدفاع عن الولي الفقيه العراقي ( لان الاعلمية في النجف الاشرف كما بين السيد محمد الصدر ) باعتبار ان السيد الحائري الشيرازي ( الايراني ) منتمي كليا الى ولاية السيد علي الخامنئي وهنا اغفل رجالات هذه الحركة هذه النقطة مستغلين جهل الاتباع وبساطة الناس فانتفى - عمليا - مبدأ الدفاع عن ولاية الفقيه العراقي .
لكن العلاقة بين الطرفين لم تدم طويلا بسبب استقلالية القرار المقتدائي - واقعيا - عن سلطة المرجعية وهي ظاهرة عاناها السيد الحائري مع حزب الدعوة سابقا وبالطبع نجحت خيوط اللعبة الايرانية خلال فترة التفاهم ( الحائري - المقتدائي ) من تحقيق نقطتين غيرتا مجرى الاحداث لاحقا هما :
1 - زيادة الشرخ في الخط الصدري التأريخي ( وليس الاصطلاحي الحالي ) واضعافه الى درجة تتناسب والدور الايراني .
2 - النفوذ الى الحركة المقتدائية والوصول الى مصادر القرار فيها ليتم في النهاية تقسيم الحركة الى خطين احدهما منتمي كليا للارادة الايرانية والذي تحول الى مجاميع متنوعة والاخر متأثر بالقرار الايراني يقوده السيد مقتدى الصدر ( المقيم حاليا في ايران ) .
وحاولت الحركة المقتدائية الحصول بداية على مستند شرعي لدعم الميليشيا العسكرية التي شكلتها لمقاتلة القوات الاجنبية عبر الاتصال بمكاتب المراجع لكن وفق متبنيات الحركة الانفة الذكر لكنها لم تحصل على ما ارادته لاسباب طرحتها المرجعيات انذاك وقد حظيت بتأييد النخب الدينية والسياسية والثقافية تمثلت بمضمون الاتي :
1 - ان معالجة الوجود الاجنبي يكون تدريجي عبر عرض مطالب العراقيين اولا بطرق غير عسكرية ( واخر العلاج الكي )
2 - ان الوضع العراقي قائم على عدة جروح خلفها النظام الديكتاتوري السابق والشروخ المذهبية والسياسية والاجتماعية باتت تهدد البلاد باسرها لذلك يجب معالجتها والاتفاق حولها قبل التوجه للصدام مع الاجنبي
3 - يجب التأني ودراسة واقع الامكانية المحلية في مواجهة الماكنة التدميرية للغرب
4 - يجب احراز التوافق على مستوى قيادات الواقع الشيعي اولا ليكون التحرك موحدا ومنظما
5 - لايمكن للمرجعيات ان تقود حركات مستقلة بقرارها وغير مسؤولة امامها وربما بعيدة عن السلوك الذي يرضي الشريعة الحقيقية ( وليس الدعائية )
وبالتالي انطلقت الحركة المقتدائية بعيدة عن رأي المرجعيات ولتمد يدها الى ميليشيا حارث الضاري الذي سماه السيد مقتدى الصدر ( شيخ المجاهدين ) حتى وصل الامر الى اشتراط السيد مقتدى مشاركة حارث الضاري في العملية السياسية والانتخابية ليشارك فيهما ! لكنهما وكنتيجة طبيعية لكل الحركات الارتجالية افترقا بعد ذلك افتراقا دمويا عبر صراع مسلح دمر الكثير من امكانيتيهما وانتهى بعدها استغلال حارث الضاري لسذاجة قادة الحركة المقتدائية .
وطبعا كان هذا التفاهم الضاري المقتدائي يتماشى مع المبدأ الخامس للحركة برفض العملية السياسية وعدم شرعية الانتخابات كمفهوم وكمصداق وهنا لا نحتاج الى عناء في ايضاح ارتباك واضطراب قادة الحركة المقتدائية عند تعاطيهم مع هذا الملف فالسيد مقتدى الصدر كان واضحا في لقاءه المصور مع السيد عبد العزيز الحكيم عندما اصر على عدم شرعية الانتخابات وانعدام وجود مستند شرعي يدعمها وكذلك اكد قادة الحركة الرفض التام للمشاركة في العملية الانتخابية الديمقراطية بوجود المحتل الاجنبي وعلى اثر ذلك شهدت البلاد مجموعة معارك مقتدائية باتجاهين ( المحتل - الحكومة ) وذهبت ارواح مجموعة من الشباب انتصارا لهذا المبدأ المقتدائي لكننا مالبثنا الا قليلا حتى رأينا للحركة ثلاثين نائبا برلمانيا ومجموعة وزراء ولكن المعارك المقتدائية مع الحكومة ظلت مستمرة حتى احرزت الحركة مراكز متقدمة في انتخابات مجالس المحافظات فانتهت وبصورة مفاجأة الرياح الموسمية لتلك المعارك ! وبعدها شاركت الحركة وبقوة في الانتخابات البرلمانية فحصلت على اربعين مقعدا نيابيا واختفى المبدأ الرافض للعملية السياسية بما فيها الانتخابات الديمقراطية من افواه المقتدائيين كليا وبقي التساؤل عن دماء الشباب الذين قضوا دفاعا عنه سابقا ( بأي ذنبٍ قُتلتْ ) ومن يتحمل وزر دمائهم ؟!.
وبدأت الحركة بحملة كبيرة لتسقيط الشخصيات المرجعية التي اعتبرتها خائنة ومتخاذلة وليسقط احد مبادئ الحركة الداعي الى ( الدفاع عن المرجعيات ) حتى وصل الامر الى محاولة اغتيال احدها ومضايقة الاخريات !
وخلال تلك الفترة خسر السيد مقتدى الصدر وكالته الحائرية ولكنه كسب تزامنا معها مجاميع من الشباب الحماسي السهل الانقياد وغير الناضج والجاهل بابعاد المدرسة الصدرية وملامح افكارها فحصل ما يشابه التغير الزلزالي في خطوط عمل الحركة المقتدائية حيث اصبحت قواعد الحركة من اتباع المدارس التقليدية غير الناطقة - كما يعبرون - لاسيما ابناء الريف فصار مفهوم الناطقية متميعا غير واضح المعالم نتيجة للارتباك التنظيري الناشئ من تداخل العناصر المكونة للحركة المقتدائية الحالية والتي صارت في الغالب تحوي عناصر يقلدون مرجعا كالسيد السيستاني ويرجعون الى السيد مقتدى قيادة او انهم لايقلدون عمليا !! وهذا المفهوم الجديد الذي اسميه ( الناطقية المزاجية او الانتقائية ) كان مؤثرا على اداء السياسيين المقتدائيين فيما بعد حيث لم نلحظ منهم تحركا واحدا تجاه عناصر الفساد في الحكومات العراقية وكانوا غالبا هم الجهة الساكتة ! رغم اقناع قواعدهم بخلاف ذلك .
برزت بعد هذا الضياع عن جادة القيادة الدينية الحقة وكذلك تداخل عناصر مضطربة فكريا ودينيا بالاضافة الى العناصر الملتحقة بالحركة اعجابا او مصلحيا دون وجود دافع ديني مجموعة من المشاكل السلوكية ك ( الانحراف الاخلاقي ) وهذه واضحة لدى بعض المعممين السابقين وبعض اصحاب التدين الظاهري وكذلك ( الانحراف التصوفي ) وهي ظاهرة تعاكس الظاهرة الاولى لكنها منحرفة ايضا لان سالكيها عمدوا كردة فعل لانحراف المجتمع الى تلبس مبدأ القداسة الوهمي رغم عدم احاطتهم بالبسيط من الاحكام الشرعية فضلا عن الفكر او الوعي الاسلامي فدخلوا عالم الخزعبلات والسحر وما شابه وهي ظاهرة منتشرة بينهم حاليا وهناك ايضا ظاهرة ( انفصام الشخصية العملية ) حيث يحاول البعض العيش بشخصية اخرى غير حقيقته اعجابا او وصولا الى مبتغى كأن تكون شخصية السيد محمد الصدر او السيد مقتدى الصدر او قائد ميداني مقتدائي والاسوأ ان بعضهم يعيش هذه الظاهرة بصورة مركبة حيث يجمع ظاهره بين مجموعة من الكاريزمات ! وايضا هناك ظاهرة ( الانحراف الفكري ) حيث تسببت مسألة اللافكر لدى قيادات الحركة وغياب المرجع القائد الى ظهور انماط فكرية غريبة لديهم كما لاحظنا في تفسير ( ماهر المحمداوي ) لحديث ( اذا فسد العالِم فسد العالَم ) حين عكس متن الحديث بعبارة ( اذا فسد العالَم فسد العالِم ) لاثبات فساد العلماء بسبب فساد العالَم الان !! وكذلك ( انحراف الفكرة المهدوية ) حيث يحاول قادة الحركة ومن ثم قواعدها تقريب فكرة الظهور من اطروحاتهم حتى وصل البعض منهم الى تأكيد ان الامام المهدي متواري بشخصية السيد مقتدى الصدر تحت مفهوم خفاء العنوان !! وقد حاولوا من خلال ذلك ايجاد تبرير هروب السيد مقتدى الى ايران باطروحة حكمة ارادة المعصوم وكذلك سد النقص الشرعي المرجعي لدى الحركة بعنوان انتفاء الحاجة الى المرجع لوجود الامام بينهم ! وهناك ايضا ظاهرة ( تمييع الدرجة العلمية او الدينية ) وذلك بسبب ضعف المرتبة الدينية التي وصلها السيد مقتدى والتي لاتؤهله الى قيادة حركة بهذا المستوى من المطالب وكذلك وجود من يفوقه علميا بين اتباعه لاسيما في مرحلة التأسيس الاولى , بالاضافة الى ظاهرة ( التبرير الغنائمي ) حيث يحاول بعض رجال هذه الحركة ايجاد مبررات شرعية موهومة لما تستولي عليه الحركة بعنوان ( الغنائم ) ليسدوا النقص التمويلي للحركة بعد انعدام الدعم المرجعي لهم وبعد ذلك حاولت الحركة تبرير المساعدات الخارجية لها بعنوان ( النصرة ) ومساعدات حارث الضاري - سابقا - بعنوان ( الشراكة في المقاومة الوطنية ) !
وهناك الكثير الكثير من تلك المفاهيم العجيبة والمأساوية واقعا .
وبمرور الزمن تبين المراقبون واقعية ماطرحته المرجعيات الدينية بخصوص القتال مع الاجنبي حيث دخلت الحركة المقتدائية صراعا عنيفا مع القوات الاجنبية لكن الغريب ان نتائجه جائت بصورة عكسية تماما عن المفاهيم المقتدائية وكالاتي :
1 - تم تمرير مجموعة كبيرة من القوانين الخاضعة والناشئة من ارادة المحتل بحجة اضطراب الوضع الامني وضرورة الاسراع بوضع الاسس القانونية للبلاد حيث استغل الامريكان التحركات المقتدائية لتسويق تلك القوانين حتى اتقن الامريكان اللعبة وصاروا كلما ارادوا تمرير احد القوانين واللوائح استفزوا الحركة المقتدائية - المستفزة اصلا وغير الناضجة - فنجحوا في ذلك نجاحا كبيرا وهذا واضح في قضية ( قانون ادارة الدولة ) الذي لاقى اعتراضا مرجعيا ونخبويا وشعبيا اضطر الامريكان الى كتابة ملحق له لكنهم استغلوا معركة ( النجف الاشرف ) لتمريره ليتحكم بالدستور العراقي الدائم
2 - اتسع الشرخ داخل المجتمع العراقي حد القتال والصراع والتقسيم العملي لمناطق النفوذ وازداد التقاطع والتنافر بزيادة الدماء الساقطة على الارض
3 - استفاد الاكراد وعموم الاتجاهات العلمانية من الوضع المأساوي القائم ليقدموا نموذجهم على انه النموذج المتحضر بخلاف هؤلاء ( الاسلامويين الميليشياويين ) المتصارعين وقد حصل الاكراد والعلمانيون على مطالب كبيرة خلال فترة الصراع تلك
4 - ادى الوضع القائم والمنفلت الى حصر المرجعيات الدينية في مساحة تحرك ضيقة تسببت بانحسار دورها الاصلاحي وبذلك خسر المجتمع والاسلاميون بصورة خاصة خدمات هذه المؤسسة الضخمة والرشيدة
5 - استغل الفاسدون والمتسلطون على رقاب الناس من متنفذي الاحزاب انذاك الوضع المنفلت في عموم المحافظات العراقية لتبرير انعدام الخدمات العامة او ضعفها وكذلك نجحوا في استغلال تلك الاوضاع لتصفية خصومهم السياسيين
6 - خسر المجتمع مجموعة كبيرة من الشباب الحماسي الذين ذهبوا ضحية لشعارات تبين مخالفة رافعيها لمضمونها وبالتالي خسرت البلاد مجموعة من الطاقات التي كان من الممكن ان تساهم في بنائها
7 - نجحت الحكومة في رفع اسهمها السياسية عندما ضربت الميليشيات المقتدائية - التي جائت برئيس الحكومة سابقا بقرار مقتدائي - رغم ان الحكومة فشلت في تحقيق الخدمات التي تمكنها من رفع تلك الاسهم
8 - فشل الحركة المقتدائية في اخراج الاحتلال الاجنبي من البلاد
وصار اكبر مطلب للحركة هو اخراج المعتقلين وذهبت تلك المطالب الكبرى التغييرية والهادفة الى اخراج المحتل ادراج الرياح وصار زعيم الحركة هاربا خارج العراق واغلب قادتها في السجون والباقي هاربين خارج وداخل البلاد !! وهنا انتهى مليا مطلب اخراج المحتل الاجنبي وتم استبداله - واقعيا لا تنظيريا - بمطلب اخراج المعتقلين .
ولم يبقَ في جعبة الحركة المقتدائية الا الادعاء بتمثيل الشرائح الفقيرة من المجتمع العراقي والمنسية ربما مستغلة وجود قواعدها وجماهيرها في تلك المناطق وتأثير ناطقية السيد محمد الصدر كقربان تزكية امام هذه القواعد وتعهدت لناخبيها بانها ستكون الجهة التغييرية وذات العصا السحرية لبناء هذه المدن وانها ستقف بوجه الحكومة الفاشلة والظالمة لحزب الدعوة لاسيما بعد معركة البصرة المسماة ( صولة الفرسان ) وانها ستحيل مرتكبي الجرائم بحق الشعب العراقي عموما والحركة المقتدائية خصوصا الى المحاكم .. وكان بامكان الحركة المقتدائية لعب هذا الدور لو كانت جادة وصادقة امام الشارع المقتدائي والشارع العراقي لكن الغريب ان رجالات الحركة المقتدائية بمجرد وصولهم الى مجالس المحافظات عقدوا تحالفا عجيبا مع قوائم حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي واقفلوا القضايا العالقة بين الطرفين كليا وصاروا مصادر دعم جديدة وقوية للادارات التي جاء بها حزب الدعوة لقيادة المحافظات خدميا وامنيا رغم وضوح فشلها وعملوا معا على ازاحة من لاينتمي الى قائمتيهما وخضعوا كليا لمطالب الحكومة المركزية برئاسة نوري المالكي لسلب بعض الخدمات من المحافظات الجنوبية - مدن قواعدهم - واعطائها لمدن اخرى ! وكان هذا واضحا في قضية الطاقة الكهربائية لمحافظة ذي قار حيث ترأس لجنة الطاقة في مجلسها المقتدائي حسين العوادي وكان نائب المحافظ فيها المقتدائي حسن لعيوس وترأس مجلس محافظتها المقتدائي ( تيار الاصلاح ظاهرا ) قصي العبادي حيث يأست الحكومة من الوصول بساعات القطع في هذه المدينة الى 4\2 او 5\1 طيلة السنوات الماضية وكان وزيرها للكهرباء يطرد من المحافظة - عمليا - حتى جاء المقتدائيون فوقعوا بالموافقة على مطالب الحكومة - واقعا - وقد وثق لي هذه المعلومات جمع كبير من اهالي الناصرية .
وكذلك لم يقم المقتدائيون باستلام منصب المحافظ في المدن التي فازوا فيها خوفا من تكرر مأساة ادارتهم لمحافظة ميسان التي تُعد الان افقر مدن العراق خدميا واداريا بعد هروب محافظها السابق لسنة ونصف حيث كان متهما بالارهاب من قبل حكومة المالكي ولانكشاف ضعف خبرتهم الادارية حيث لم يلحظ وجود لمسات لهم في كل المواقع التي استلموها وبالتالي صاروا بحاجة دائمة الى من يكون غطاءا للاخطاء وكبشا ليفتدوا به واقع محافظاتهم امام قواعدهم المتسائلة بعد هذه الجهود المضنية لايصالهم فنراهم حين يحدث خطأ ما يطالبون قواعدهم بالتظاهر ليفرغوا كمية الحماسة فيهم رغم انهم متصدون لقيادة تلك المدن ورغم رفضهم اقالة تلك الادارات التي خرجت جماهيرهم ضدها .
لم نرَ الى الان اقالة قيادة امنية واحدة فضلا عن محاكمتها كما تعهدت الحركة المقتدائية لناخبيها ولم نشهد تغييرا خدميا او حتى تطويرا لمشروع سابق يستحق الذكر كما حلمت جماهير الحركة في ظل غياب واضح للسيد مقتدى عن واقع ممثليه وتم امضاء المشاريع الحكومية المشكوك في اهدافها او جديتها وكان جل ما يأتيه رجالات الحركة المقتدائية في البرلمان العراقي هو الهتافات والاستعراضات التي ترضي حماسة قواعدهم - وهم يعلمون ذلك ويقصدونه - وبالطبع لا يعلم ناخبيهم ان الكتلة الصدرية المقتدائية لو امتنعت عن دخول قاعة البرلمان في كثير من الاحيان لما تحقق النصاب ولفشلت الكثير من المشاريع السيئة الصيت ولكنهم كانوا يفضلون الاستعراض الاعلامي على الموقف السياسي الناضج !
وكانت الحركة المقتدائية سببا في ازاحة الكثير من الكوادر الفنية ذات الخبرة والوطنية بدافعين هما ( الانتمائية ) و ( وعدم مجاراتهم عمليا ) .
والاغرب من ذلك اننا لاحظنا تسويق الكثير من المشاريع والقوانين المتعارضة مع ثوابت الاسلام - حسب الدستور العراقي - من تحت قلم النائب عن الكتلة الناطقة الاسلامية المقتدائية رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي السابق السيد بهاء الاعرجي الذي - وفي موقف اغرب - كان داعما لكثير من وزراء حكومة المالكي امثال حسين الشهرستاني رغم قرائتي لتصريح خص به احدى صحف الحركة المقتدائية معترفا فيه بتسبب الحركة بمجيئ وزراء فاشلين امثال حسين الشهرستاني !! فضلا عن مجيئهم بالمالكي نفسه .
هنا بالاضافة الى ما لم نذكر من مواقف الحركة المقتدائية الارتجالية والمتناقضة نرى بوضوح سقوط مبدأي محاربة السلطة الجائرة والدفاع عن المظلومين

انني بكتابتي لهذا المقال لا اعقد الامل على قيادات هذه الحركة لعلمي باصولها ومناهج عملها الحقيقية ولكني اتأمل ان ترقى قواعدها الى مستوى من الوعي يؤهلها لمحاسبتها واصلاح اوضاعها وسلوكها لسبب واحد ان هذه الحركة رغم سلبياتها وليدة الساحة العراقية وتعرف مكامن الخلل ومناطق الحاجة فيها

تعليقات

‏قال Unknown
هذا التقرير واقعي ولكنه تنقصه الفتره الحاليه
شكرا لتعليقك الطيب .
نعم , فالموضوع تم نشره في فترة سابقة قديمة نسبيا .
لكن تناولت شيئا من واقع الحركة الحالي في بضعة مقالات لاحقة , منها :
(السيد مقتدى الصدر والحيرة في امره)

http://freepapers1980.blogspot.com/2013/06/blog-post.html

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات