تعليقات وايضاح حول مقالة المرجع محمد اليعقوبي انتقالة في عالم النوع

جائتني رسائل من بعض الاخوة القراء حول مقالتي ( المرجع محمد اليعقوبي انتقالة في عالم النوع ) وفيما يلي الرسائل وجوابها كما وردت :
رسالة الاخ علي نور الدين
noordeenali@yahoo.com



الاستاذ الابراهيمي . سلام من الله عليك ورحمة منه وبركات . قرأت مقالك الذي هو تحت عنوان (
المرجع محمد اليعقوبي .. انتقالة في عالم النوع ..... اطلب من حضرتك مزيد من الايضاحات فقد ذكرت ما نصه ( صارت المرجعية الدينية لاحقا تعيش حالة من الجمود والركود العلمي والحركي بما لم تشهده هذه القيادة على مر تأريخها . ويعود السبب في ذلك – اجمالاً – الى ضياع الاسس العلمية لتقييم القيادات عندما تحكمت في الثقافة الشيعية لوبيات الاعلام التابع للمؤسسات النفعية ذات المصالح الخاصة وكذلك الضخ الثقافي المشوه لمؤسسات خارجية معادية لهذا الفكر وبالتالي تسلل لمنصب المرجعية الدينية الكثير ممن هم دون المستوى التأريخي الذي تمتعت به المرجعيات العملاقة السابقة والتي كانت تعتمد مبدأ الفكر الحر الملتزم واسلوب التضحية الذي تميز به الشيعة على مر العصور . فانزلق منصب المرجعية الى مستوى الكارزما الصنمية عندما صار المرجع ( الاعلامي ) لا يُدرس ولا يُؤلف ولا يُحاضر ولا يرعى ولا يَتفقد بل حوله الاعلام الانف الذكر الى هالة قدسية ملائكية يمتنع سماع صوتها على غير المعصوم !)

انت تذكر ضياع الاسس العلمية لتقييم القيادات بتاثيير مؤسسات نفعية ومؤسسات خارجية معادية . هل المقصود بالمؤسسات النفعية هي مؤسسات داخلية من داخل الحوزات العلمية فاذا ثبتنا هذه كحقيقة فهذه مشكلة كبيرة وخطيرة وتزرع في النفوس الشك والريبة في كل اتجاهات القيادات فكما ورد ( ان الشكوك والظنون لواقح الفتن ) وكيف يتسنى للفرد العادي ان يمييز مدى اخلاص هذه القيادة او تلك خصوصا مو توفر القاعدة العلمية المروية عن الامام (عج) ( من كان مخالفا لهواه طائعا لامر مولاه فعلى العموم ان يرجعو اليه ) فهنا يتبين ان الحوزات العلمية تعيش حالة صراع مع قوى تعتقد انها تستهدفها . ثم ذكرت انه نتيجة لتضارب الفكر الشيعي الداخلي برزت مدرستان لكل منهما رموزها السؤال هل ان المدرسة الاولى التقليدية لاتستند على نصوص المعصومين في تحركها فهم يقولون لدينا من النصوص الكثير ما يدعم موقفنا .
والسؤال الذي يطرح نفسه مع وجود الحوزات العلمية والمدرستين التقليدية والاصلاحية في العراق وتحديدا في النجف الاشرف مع ذلك يرى البعض ان تاثير هاتيين المدرستين في العراق محدود ولم يكن بالمستوى الذي تتمتع به وما صفحات النهب والسلب سواء في دخول افراد الجيش العراقي والذي يشكل الشيعة الاغلبيه فيه دخولهم في مدن ايران عام 1980 ودولة الكويت عام 1990 واثناء الانتفاضة الشعبانية عام 1991 وفي عام 2003 التي اطلق عليها الحواسم . وكذلك عمليات سرقة وتهريب النفط العراقي والفساد المالي والاداري . كل هذه اضافة الى العديد من الظواهر المنحرفة الموجودة في المجتمع العراقي كلها ادلة على ضعف تاثيير المدرستين التقليدية والاصلاحية في العراق خاصة .

لايهم ان يكون الحاكم ملتحيا . هل هذا يعني ان الشيخ اليعقوبي يجوز حلق اللحية ام ان حالقها فاسق ولا تقبل شهادته .
فعلا كان لمقولة الشيخ اليعقوبي ( عن العمامة الشيعية ودعمها لحكومة منحرفة وفاسدة ) وقد رد عليها المتحدث باسم رئاسة الوزراء صادق الركابي وعلى وا اعتقد انه من الاحزاب الشيعية لست متاكدا مئة بالمئة لكن هكذا يبدو رد قائلا ( ان الحكومة تستمد شرعيتها من مراجع دين معروفيين ) !!!!


جواب الرسالة

الاستاذ الفاضل
علي نور الدين
حفظكم الله وسدد خطاكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البدء تقبل اعتذاري لتأخري في الرد على جنابكم الكريم لانقطاع الخدمة لدي

اخي الفاضل

ان المشاكل والصراعات داخل الحوزات العلمية امر طبيعي لسبب واضح : ان المنتمين اليها قادمون من ذات المجتمع غير المعصوم وبالتالي فهم خطائون كغيرهم .
ولكن بسبب استمرار سلطان القيادات التقليدية درجت الحوزات على اتخاذ اسلوب النعام في اخفاء المشاكل والتغطية على وجودها لخلق هالة قدسية كاذبة تحيط هذا الكيان الذي يُفترض به ان يكون صالحا .
وهذه الفكرة خاطئة لان معالجة المشاكل اولى من اخفائها لتنفجر لاحقا بعد تورم الكيان الحوزوي , لذلك عمدت القيادات الاصلاحية الى معالجة المشاكل الحوزوية قبل الانطلاق باتجاه معالجة مشاكل المجتمع ككل لان الحوزات في مسيرة الاصلاح ستكون بمثابة القلب الذي يجب ان يكون سليما ليغذي باقي الجسم بالحياة , فهل يُعقل ان يتغذى الجسم على قلب يحمل دماً مسرطناً ؟!
ولا ارى داعيا لتعجبك واستخطارك للمشاكل الموجودة في داخل الحوزات العلمية وان كنت اعطيك العذر في ذلك باعتبار انك تحسن الظن بظاهر الكيان الحوزوي ككل , ولكنَ هذا الكيان ليس بافضل من اصحاب رسول الله الذين تصارعوا في حياته وبعد وفاته وكذلك اصحاب الائمة المعصومين الذين انقلبوا على اعقابهم كاصحاب الامام الكاظم حين طمعوا بالاموال ولم يسلموها لخليفته المفترض الطاعة وعم الامام المهدي حين ادعى الامامة وهو ابن امام معصوم بل وجعفر الكذاب كذلك كان ابن امام معصوم وقبلهم ابناء نبي الله يعقوب .. وكل ذلك لسببين لا ينفكان ينازعان انقى النفوس واطهرها : انهما الحسد وهوى النفس .
وكما قال بعض الحكماء ما مضمونه : ( ان اخطر ما يواجه المراجع من امراض هو مرض الحسد لانه يكون في اعلى مستوياته لدى رجل الدين اذا سلم نفسه الى هواه ) .
ثم انت اجبتَ سؤالك بنفسك حين ذكرت رواية المعصوم عندما قال ما مضمونه : ( من كان مخالفا لهواه طائعا لامر مولاه فعلى العموم ان يرجعو اليه ) لانك كما ترى ان الامام ركز على مخالفة الهوى وطاعة المولى كأهم شروط المرجعية لعلمه بتهافت النفوس على هذه المكانة الدينية والاجتماعية ذات البعدين في النفع : الدنيوي والاخروي .
وبعد هذا الايضاح لايبقى معنى لدخول الشك الى نفوس العوام من الناس لان اليقين هو امكانية زلل غير المعصوم وركونه الى هواه وملذات نفسه المتنوعة ومنها الجاه والمال وغيرها في اية لحظة لان تلك الحالة هي سنة التأريخ في الانسان غير المعصوم .
اما كيف يميز الانسان العادي القيادات الصحيحة بوجود هذا التضارب الفكري والسلوكي في الكيان الحوزوي ؟ فهو سؤال لامع وجميل من جنابكم .. وجوابه :
( ان يعرف الانسان العادي ما هي وظائف المرجع الرئيسية والتي يجب على المرجع القيام بها لزوماً ليعرض سيرة المراجع عليها فيرى ايهم ادى وظيفته وايهم قصر في ادائها ؟ .. ومن جميل مادفعني للكتابة عن المرجع اليعقوبي هو اشتراطه - في خطوة سباقة وجريئة - على المجتهد ان يبين وظائف المرجعية في مقدمة رسالته العملية كما فعل هو في رسالته العملية الموسومة ( سبل السلام ) كي يعرف العوام ما هي واجبات المرجعية ليحاسبوها وقد عبر جنابه عن ذلك حفظه الله .
واضافة لذلك فعلى الانسان العادي ان يكون واعيا ومثقفا ولديه شئ من الفقه والفكر ليميز محيطه وان يعرف الرجال بالحق وليس الحق بالرجال وبالتالي يرى المواقف التي تأتي بها تلك القيادات ويعرضها على روح سيرة المعصوم والعقل ويقرر ايها ناضجة اكثر ( ولكن المشكلة تكمن في التغييب الاعلامي حيث يبرز الاعلام بعض المواقف ويخفي الاخرى حسب انتمائه وتوجهه والاعلام في الغالب مملوك للتيار التقليدي ) لذلك على الانسان العادي ان يكون متابعا وباحثا وان لا ينتظر القوالب الفكرية الجاهزة .

اما موضوع استناد المدرستين الى النصوص الشرعية للمعصومين فهو لا يُقرأ بهذه الصورة وانما تتم قرائته من زاوية اكثر دقة وملخصها :
ان الرواية المعصومة هل يتم الاخذ بها جامدة ونسخ مفادها كما هو في زمن صدورها على زماننا الحاضر ام اننا نأخذ بنصها ولكن نتعامل مع ظروف صدورها وهدف اصدارها وهو ما اُسميه روح حركة المعصوم اي مفهوم حركية الامام وليس قولبته ؟
فمثلا : حينما يأمر الامام المعصوم احد اصحابه بالوضوء كما يتوضأ العامة .. هل نأخذ تلك الرواية كنص شرعي دائمي ام اننا ندرس ظروف صدورها لنعلم بعد دراستها ان ذلك الصحابي كان يعمل ضمن البلاط العباسي وكان مراقبا من قبل السلطة بعد ان وشى به البعض لدى الحاكم فاراد الامام انقاذ حياته وعندها سوف نرى الرواية من جانب اكثر مقبولية , وكذلك حينما نرى التضارب الخارجي والظاهري في تحركات ومواقف المعصومين عند النظرة الاولى كسكوت علي عن حقه في الخلافة ومن ثم عاد ليقاتل بالسيف من اجل تثبيت حقه وصلح الحسن وخروج الحسين بالسيف واعتكاف السجاد وبروز الصادق والباقر وسجن الكاظم وسلطان الرضا وهكذا سوف نقرأ التأريخ بزاوية معينة ولكن حين نعيد النظر بزاوية فكرية سوف نرى مرحلية عمل المعصوم وتخطيطه الستراتيجي البعيد الامد باستهداف انشاء دولة العدل من خلال التمهيد لبانيها وحينها سوف نقرأ تأريخهم قراءة اخرى اكثر نضجا ووعيا وبالتالي نفعا .. ومن هنا كان الفرق في توجهات المدارس الشيعية على اختلافها مبتدئاً من زاوية وطريقة قراءة سيرة ورواية المعصوم ولعل كتاب ( دور الائمة في الحياة الاسلامية ) الذي وضع لبنته الشهيد الصدر الاول وعلق عليه الشهيد الصدر الثاني وانضج بحثه ووسع مطالبه الشيخ اليعقوبي هو السبيل الواضح لمعرفة مقصدي .. وايضا تدخل مسألة الاختلاف في فهم الرواية الواحدة بين العقول المتفاوتة بين المرجعيات في تحديد النهج العام للسلوك ومثال ذلك : مسألة ولاية الفقيه من حيث ثبوت دليلها ووظائف الولي وصلاحياته وامكانية تطبيقها من حيث بسط اليد من عدمه , مع ما لهذه القضية من بعد حركي تغييري جذري يُعد الاختلاف في رؤيتها اختلافا في منهج سلوكي مفصلي يغير جميع الاتجاهات المرجعية باتجاهي السلب والايجاب .
كما تدخل قضية الافراط في التقية في تحديد توجه المرجعيات وبالتالي اختلافهم من عدمه فبعضهم يُغلب مبدأ التقية ويجعله حاكما على باقي الروايات وبعضهم يرى ضرورة عد الافراط في ذلك - لاسيما لدى المرجع نفسه - لكي يتم انقاذ الامة من سلطان الجهل والظلم .
وتدخل كذلك قضية مخالفة قول المرجع لعمله او مطابقة القول للعمل لدى الاخر في تحديد الاتجاه السلوكي العام .. فمثلا : يرى احد المراجع البارزين اليوم عدم حاكمية رأي المرجع في اثبات الهلال , اي ان رأي المجتهد لا يُعد شرطا في اثبات الهلال ولكن مكتب ذلك المرجع يقوم باصدار بيانات مستمرة حول ثبوت الهلال من عدمه ! مما يخلق جوا مشوشا لدى العامة حين يرى مرجع اخر يقر بحاكمية رأي المرجع في اثبات الهلال ما يخالف رأي المرجع الاول في حين كان الاولى ان يسكت من لايرى حاكمية رأي المرجع في الاثبات لانها ليست من وظائفه كما اقر هو في مبانيه الفقهية .. وهكذا دواليك
اذن لا يُعد الاستناد الروائي الشرعي للمدرستين هو المشكلة بقدر ما يُعتبر الفهم والوعي والعمق الفكري والاحاطة التأريخية هو الاخطر والاهم في تحديد التوجه .

قضية التأثير الحوزوي في المجتمع العراقي
ان اللوم في ضعف التأثير الحوزوي على المجتمع العراقي لايقع على الكيان الحوزوي وحده بقدر مايقع على المتلقي الشيعي ذاته , فمسألة التقيد بتوجيهات المراجع لايتم فرضها على المتلقي فرضا وهذه هي ميزة المذهب بل تتم عبر الاقناع وهو متفاوت بين متلقي واخر .
اما مسؤولية الحوزة العلمية في ذلك فهي ليست قليلة حيث يقع على عاتقها ايجاد الطرق لاقناع المتلقي بضرورة الالتزام باوامر الشارع المقدس وكذلك عليها ان توصل صوتها الى اعمق نقطة في الشارع الشيعي العادي , وهنا وقع الاختلاف بين المدرستين : فحين رأت المدرسة التقليدية ان واجبها الشرعي هو استنباط الاحكام من مصادرها التشريعية وعلى العوام التوجه الى الحوزات لتلقي المسائل الشرعية بانفسهم او توجههم الى رجال الدين في المناطق القريبة عليهم .. رأت المدرسة الاصلاحية ان واجب الحوزة هو التنوع في طرق طرح التوجيهات والارشادات بما يناسب كافة المستويات الاجتماعية والفكرية وضرورة العمل على ايصال الصوت الشرعي الى ابعد النقاط وليس انتظار قدوم المتلقي بل المبادرة اليه .. زمن جميل تعبيرات المرجع اليعقوبي في ذلك ما مضمونه :( ان الحوزة العلمية ام للجميع تعالج امراض ابنائها .. ولكن الامهات نوعان : ام تجلب الدواء لولدها وتتركه الى جانبه ان شاء اخذ منه وان شاء تركه فيبقى في مرضه ... وامٌ تجلب الدواء لولدها وتبقى الى جانبه ترغبه في الدواء وتقربه اليه وتحاول اقناعه باخذه حتى يشفى ) وهذا هو بالضبط فرق الحال بين المدرستين التقليدية والاصلاحية .
اما قضية السلب والنهب في الفترة 1980 و1990 و1991 فقد كانت الناس بعيدة كل البعد عن الحوزة العلمية ولعله من النادر ان تجد رسالة عملية في بيت احد الشيعة في تلك الفترة وذلك راجع للسلطان الدموي الوحشي للبعث وجرائمه التي فاقت ما يتصوره العقلاء وضعف التحرك الحوزوي انذاك ولجوءه للتقية المكثفة بسبب سلطان المدرسة التقليدية عليه حينها وتفردها التام في قيادته لاسيما بعد رحيل الشهيد الصدر الاول وخذلان الاغلبية الحوزوية له وتفريط السيد محسن الحكيم قبل ذلك بالفرصة التأريخية لبناء الكيان الشيعي وبالتالي الشخصية الشيعية الملتزمة .
اما في عام 2003 فقد كان المجتمع العراقي اكثر نضجا من الناحية الدينية بعد مجيئ حركة الشهيد الصدر الثاني الاصلاحية ولكنه كان غير ناضج فكريا لانه تلقى الفتوى ولم يتلقَ الفكر والوعي اللازم بسبب صعوبة التحرك الحوزوي بوجود البطش الصدامي الدموي والطعنات الحوزوية التي خلقت جبهة اخرى للشهيد الصدر الثاني تتطلب منه اثبات وجوده واقناع الشارع بقيادته مما حرم المجتمع من عطائات كثيرة لم يسعفه الوقت والمكان لطرحها , فكان المجتمع يرى ان الدولة هي صدام والبعث وبالتالي كان كل مافي الدوائر والمؤسسات الحكومية يحمل صورة صدام والبعث في عين المواطن العادي الذي كان يعاني الجوع والحرمان من ابسط حقوقه فرأى ان جميع ممتلكات الدولة هي حقه وهي السبيل الى افراغ حقده ونقمته من الدولة الظالمة ولعل من المسائل الخطيرة التي لم يفصح الاعلام عنها هي دور الجيش الامريكي والمرتزقة العرب في حرق الدوائر الحكومية ونهبها وفتح ابوابها للمواطنين وهذا ما رأيته بام عيني في قضية نهب المعهد الفني لاحدى المحافظات العراقية حيث قام الامريكان برمي الحارس الذي رفض فتح الباب بالرصاص فاصابوه وفتحوا الباب للناس ودخلوا ثم وقفوا يتفرجون على تكسير الحواسيب ونهب المكان وحرق الاوراق دون ان يحركوا ساكنا وايضا كان لرجالات البعث وعوائلهم دورا كبيرا في ذلك الامر , ورغم ذلك فقد كان للحوزة العلمية الاصلاحية دورا مشرفا في حماية الكثير من المؤسسات الحيوية كبعض المستشفيات ومحطات الطاقة الكهربائية التي لم تتعرض في بعض المحافظات الجنوبية لاية حالات نهب حتى تم تسليمها للسطة العراقية بعد عودة موظفيها , وقام الكثير جدا من المواطنين بارجاع المواد المنهوبة الى الجوامع والحسينيات بعد معرفتهم حرمة اخذها ولكن وقع الكثير منها بيد من لبس العمامة زورا وبهتانا فتصرف بها دون وجه حق ولكن القسم الاخر منها تم ارجاعه الى مؤسساته الاصلية , فاظهر الاعلام الموجه حالات النهب واخفى حالات الارجاع ليعطي الصورة المشوهة التي يردها للشعب العراقي.
اما عمليات تهريب النفط فليس للمرجعية دور في ايقافها لان المؤسسات النفطية خاضعة للسلطان الحكومي والحماية الامريكية المباشرة وغير المباشرة ومن المستحيل ان يقوم مواطن عادي بعمليات التهريب بل هذه العمليات لايمكن ان تتم الا بضوء اخضر امريكي وشبكة حكومية ضخمة تستند الى دعم لوجستي دولي , اما ما يقوم الاعلام بتسويقه حول هذه القضية فهو يستهدف السذج وعوام الناس للتسويق والخطاب الاعلامي لا غير .. ولكن جميع المتابعين والمراقبين يدركون ضخامة هذا العمل وتعقيده .
اذن فدور الحوزة العلمية يستقي توجهه من توجه المعصوم الذي كان الفساد والظلم حاضرا في زمانه ولكنه خارج عن سلطانه فكان هم المعصوم حماية الكيان الشيعي وترقيته حتى يصل الى مرحلة القدرة على الحكم باسم التشيع المحمدي الصحيح وليس التشيع الاسمي فقط .. وقضية ابو مسلم الخراساني مع الامام الصادق واضحة وجلية ومعبرة فراجعها وتأمل موقف الامام فيها , ولكن على الرغم من ذلك لم يمنع الامام اصحابه من تقلد مناصب حكومية بشرطين : عدم الظلم وقضاء حوائج الناس .. فتقلد بعض الاصحاب الخُلص مناصب هامة مثل ابن يقطين وابن السكيت وغيرهم .



ختاما

عُذرا لتواضع جوابي فلست فقيها او مفكرا ولكني اكتب لتحريك عقول الاخرين باتجاه الحقيقة التي غيبها الاعلام


تحياتي وسلامي وخالص دعائي

علي الابراهيمي
رسالة الاستاذ محمد سليم الكواز
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ علي الابراهيمي المحترم

السلام عليكم وبعد :

استلمتُ بحث رسالتك الكريمة وأجيبك ببعض الملاحظات فأرجو أنْ تلاقي اهتمامك وليس كبعض الآخرين السكوت والصمت لعلنا نجد في أبحاثنا بعض عوامل شفاء الأمة :

- أكدتَ أنت بوجود (مذاهب في الإسلام) في حين الحق والعدل (عدم وجود مذاهب في الإسلام والموجود أجتهدُ رأيي) وأما ما يقال (الحنفية والجعفرية ... وو) فهي تقليد لمذاهب الطائفة النصرانية التي لم يدون إنجيلها فكثر الأتباع فتعددت المذاهب لعدم وجود النص الأصلي – وأما موضوع (أبي حنيفة والشافعي وجعفر ومالك وبن حنبل وزيد وغيرهم) فهؤلاء (أجتهد رأيي)واجتهادهم يحتمل الخطأ والصواب وهذا لا يظهر ولا يثبت في الحياة الدنيا وإنما في الآخرة الصحيح له أجران والخطأ له أجر واحد فكيف يكون الخطأ مذهب وبوفاتهم تذهب آراؤهم وأحكامهم لوجود حكم عدم جواز تقليد الميت ولكن يمكن الاسترشاد بها ولكن ليس مذهب لوجود الخطأ وعدم وجود المجتهد ليدافع عن رأيه .

- وإنّ (الصحابي علي) ليس (مذهب) ولا (اجتهاد بعد رسول الله) وإنما (ولي الله) منصب رباني يؤدي وظيفته فهو (معصوم) في وظيفته (ولي الله) وكان (مجتهد في حياة النبي خاصة عند تعيينه في اليمن) أي قبل نصبه (ولي الله) ..

- وأنّ (العترة) كذلك مثل (الولاية) (منصب رباني) لأنّ الرسول لا ينطقُ عن الهوى والعترة أربعة (علي وفاطمة والحسن والحسين) (إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي) (لعدم وجود الخطأ لعدم الضلال عندها وإنّ كل الآراء التي وضعها الموالون لهم أو المعادون لهم هي نتيجة تحقيق مصالح دنيوية وغير شرعية وبالتالي هي تشويه ومحاربة لهذه المفاهيم الربانية مثل (ولاية الفقيه) .

- أنتَ انتقدتَ (المرجعية) التي اعتبرتها (كريزما) ولا أدري لماذا استعملت هذا المصطلح الغربي في حين اللغة العربية غنية بالمصطلحات والنحو خاصة إذا كنت تعني بها (شكل الشخص أو نمط من الأشخاص لأنني كمسلم تعبتُ في الوصول إلى فهمها) فأقول انتقدتَ نمط من (المرجعية) ولذلك ذكرت بعض الأسماء استثناء من هذه الانتقادات ولكن برأيي إنّ جميع من ذكرتهم تشملهم انتقاداتك ولا نستثني منهم إلاّ شخص واحد هو العلامة الشهيد محمد باقر الصدر وهناك آخرون في المجهول لا نجد ما يستوجب ذكرهم لأننا لسنا بصدد ذلك وأنا أقول ذلك عن دراية سواء عن طريق المقابلة واللقاء أو عن طريق قراءة أبحاثهم ومتابعتهم فهم معظمهم أشخاص مثلك ومثلي وقد نمتاز عليهم ببعض القيم فهم ونحن لم نصل إلى درجة الاجتهاد المطلق ولكن قد يكون عندهم رأي وفكر أو حكم شرعي في مسألة وقضية منفردة وأما كتبهم فهي مجرد اقتباس والأخذ ممن سبقوهم وهذا ليس عيب ولكن ليس بمستوى المراجع الاجتهادية وأما كسبهم لسمعة كبيرة وواسعة فهي نتيجة ما يكسبون من أموال خاصة الخمس والزكاة وهذه كذلك هم معتدون عليها لأنه ليس من اختصاصهم جبايتها وإنما هي من اختصاص الدولة الإسلامية التي ترأسها الخليفة الرابع علي والخامس الحسن وهم مقصرون بعدم الدعوة إليها في حين في زماننا دعا إليها الشهيد محمد باقر الصر.

- خاصة ما نلاحظه اليوم وبعد الاحتلال الأمريكي فتراهم (يعملون) فيقومون بأفعال ويتقولون بأقوال يخلطون بها (الإسلام مع العلمانية) (عمل صالح مع عمل سيء) والسبب هو أنهم يجهلون معاني بعض مفاهيم وأحكام الإسلام ولا يملكون (قضية سياسية عقائدية إسلامية) يعملون لتحقيقها وإسلامهم مجرد ادعاء فهم يتشكلون مع الواقع وينصبغون بلونه فإذا كان (مجلس حكم) فتراهم بلونه أو مجلس وطني بلونه أو مجلس شورى بلونه أو مجلس نواب بلونه وكذلك جمهورية وديمقراطية بلونها ويعملون مع أي دستور وأي قانون للانتخابات وهم اليوم لا يهمهم قانون الأحزاب إلاّ إذا اهتم الاحتلال به بينما هناك قانون أحزاب رقم 1 لسنة 1960 فلم يفعلونه ولا يعدلونه في حين جميعهم حركات وأحزاب وتيارات وائتلافات وفصائل وحتى جيوش وقوات كلها تنظيمات خارج القانون ودستورهم هو دستور الاحتلال .

- وأخيراً فأنّ (الدولة الإسلامية) ليس (حلم) ويأثم من يعتبرها (حلم) ومصيره جهنم وبئس المصير وإنما هي فرض شرعي مثلما كانت فرض شرعي عند عضو العترة (الصحابي الإمام الحسين) فرض تغيير سلطان الدولة الإسلامية الجائر ولم يكن عنده (حلم) فكيف يكون تشويه الإسلام وتشويه أعمال ومفاهيم وأحكام عترة رسول الله الحبيب خدمة للاحتلال فهل سيكون (صناعة النخبة) على هذا الأساس من الآثام وعلى أساس الأحلام و(أضغاث أحلام) في الوقت هم يعيشون واقع الاشتراك وممثلون في الحكومة وفي مجلس النواب مؤسسات الاحتلال وفي خدمة الاحتلال وليس في خدمة الإسلام والأمة الإسلامية المظلومة .

المحامي محمد سليم الكواز - مؤلف كتاب الشورى

18/7/2009 - 6/7/2009








الاستاذ الفاضل
محمد سليم الكواز
سدد الله خطاكم
السلام عليكم ورحمة الله
اعتذر بدءا عن تأخري في جواب رسالتكم لاسباب تتعلق بخدمة الشبكة لدي


احيطكم علما قبل الدخول في صلب الجواب انني ممن يعشقون حرية الفكر – بشرط التزامه - وتبادل الاراء وتواصل الابحاث بين جميع البشرية للرقي بالانسانية وتحرير العقل من قيود القوالب الجاهزة .. لذلك ستجد رسالتكم اهتماما واحتراما من قبلي – لا شك - .


استاذي الفاضل :

اولا : ان ما ذكره جنابكم الكريم في فقرات رسالتكم الثلاث الاولى لم يكن مما ذكرته انا – بالنص – في مقالتي ولم يكن في دائرة اهتمامات المقالة , حيث لم اتطرق الى قضية المذاهب ولم استهدف بحثها .

لكن اكراما لقلمكم الكريم ساجيب ملاحظاتكم الثلاث الاولى تماشيا مع طرحكم :

ان النظر لقضية المذاهب يتم عبر زاويتين او قناعتين :

- في النظرة الاولى من حيث حقيقتها وصحة معتقداتها او عدم صحتها .. ومن هذه الناحية او الزاوية فانا اتفق مع طرحكم 100% عندما رفضتم شرعيتها لان الاصل واحد والحق واحد ولا يمكن تعدده وبالتالي فتعدد المذاهب هو تشتت عقائدي وشذوذ غير شرعي , وما يؤيد هذا الرأي هو الطرح القرآني عندما ذكر لفظة ( النور ) مفردة لنقاوة اصلها وثبوت وحدتها واستحالة تعددها بينما ذكر لفظة ( الظلمات ) متعددة لتشتت مناشئها وتضاد توجهاتها , وبالتالي فالمذهب الحق واحد وهو ما يستند بمصدره للنور المحمدي .

- النظرة الثانية لقضية المذاهب من زاوية الواقع والوجود على الارض والتأثير التأريخي وهي الزاوية التي ينطلق منها الكاتب العادي لانه يروم معالجة الواقع وتشعباته الاجتماعية ودوره الاعلامي والادبي لا يرتقي الى دور المصلح العالمي المعصوم , اما اذا قلتَ : ان ذلك قبول بالامر الواقع الخاطئ .. فاقول : كلا .. لان مهمة الكاتب مناقشة مشاكل الواقع ومهمة المصلح تغييره .

ومن هنا نقول ان ولاية علي عليه السلام بناءا على مبناكم ثابتة ولكنها لم تنبسط واقعا وحينها يسير الكاتب باتجاه مناقشة ما جرى بعد ذلك في المجتمع , ويسير المصلح باتجاه الدفاع عن منهج علي وفي نفس الوقت ايجاد البديل الشرعي المناسب لولاية المعصوم بعد غيبته استنادا لمبدأ حفظ النظام العام وحاكمية الفقهاء فكانت قضية ( ولاية الفقيه ) البديل الانسب للنص الشرعي والحراك الاجتماعي .


ثانيا : الكاريزما مصطلح يستخدمه الكاتب للتعبير احيانا عن شخص له رمزية معينة لدى مجموعة من الناس ولكنها رمزية تداخل فيها البعد العاطفي اكثر من بقية الابعاد , وقد يقوم البعض من محبي هذه الشخصية بنسج القصص والاساطير حول هذه الشخصية مع مرور الوقت في حين ان الكثير جدا من الكاريزمات فارغة واقعا !
اما استخدامي للمصطلح فهو ناتج من اعتياد القراء عليه ولانه جامع للمعنى وله ايقاعية تفي بالمطلوب .


ثالثا : ان انتقادي لنمط من المرجعية بعد تقسيمي لها على مدرستين قائم على اسس للتقييم – ذكرتها في المقالة – وبالتالي فلم يكن عشوائيا او حماسيا .
انا انطلقت في ذلك التقييم من خلال بيان الهدف الاول لوجود المرجعية الدينية و ماهية وظائفها ومن ثم عرضت تأريخ الاسماء الموجودة على الساحة الشيعية على هذه الاهداف ومدى التزامها بوظائفها فنتج عندي عدة اتجاهات تتناسب مع حقيقة دور المرجعية بنسب مختلفة وبحسب مقدار البعد والقرب من اسس التقييم .
اما استثنائك للسيد الشهيد محمد باقر الصدر وادخالك البقية في المدرسة التقليدية فهو غريب ! لان الاساس لتمييز المرجع التقليدي من الاصلاحي ليست هي دعواه لاقامة الدولة الاسلامية فهم جميعا يدعون الى ذلك سواءا بالتصريح او بالتلميح بل ان كل مرجع حينما يكتب رسالة عملية فهو يدعو الى الالتزام بالاحكام الاسلامية والتي هي اساس التعايش في الدولة الاسلامية ولكنَ المهم في تمييز المرجع هو مقدار تحركه الاجتماعي والتغييري لصالح الدولة الاسلامية , والمرجع لا يملك حق اقامة الدولة الاسلامية ابتداءا وانما يعتمد في تحركه على مقدار دعم الجماهير الاسلامية له ومنهم يستمد شرعية تحركه ولهذا التزم جميع الدعاة لمبدأ ولاية الفقيه بضرورة تأييد الامة للولي لتتحقق له الشرعية لان الناس اولياء على انفسهم لاسيما في غيبة المعصوم ولاسلطان لاحد عليهم سواءا كان مرجعا ام لا .
ونحن رأينا علي بن ابي طالب رغم النص عليه في الخلافة لم يحرك ساكنا عندما تم غصب الخلافة منه وبقي ناصحا للحكام وجماهير الامة طوال سني قعوده ولكنه قاتل على حقه بالخلافة بالسيف حينما بايعته الامة .
ومسألة اخذ البعض من كتب غيره هي مسألة طبيعية لان التواصل الفكري التأريخي قائم على ذلك ولكن المهم هو الناتج الذي يخرج به المرجع بعد اخذه من تلك الكتب باستخدام عقله هو .
اما جباية الاموال من الخمس والزكاة فهي من حفظت استقلالية علماء المذهب عن سلطان الحكام وساعدت الى نحو ما في دعم الشيعة , وجباية المراجع لها ليس لولايتهم عليها بل باعتبارهم – افتراضا اوليا – من الثقاة الذين يعلمون موارد صرفها بحكم اجتهادهم , والمهم هو كيفية صرفها ومدى نظاميته وانتاجيته وهو ما يختلف المراجع في الاتيان به , ولولا هذه الاموال لم يسع للسيد محمد باقر الصدر التحرك كما ذكرت انت , ولم اسمع بنص شرعي – حسب علمي – يمنع دفع الحقوق الشرعية في زمن الغيبة او يشترط وجود دولة اسلامية لجبايتها ؟ بل الدليل على خلافه اتم حيث جباها المعصومون وهم لم يقيموا الدولة الاسلامية ودعا خاتمهم الى دفعها .


رابعا : ان تحرك المراجع سياسيا من اساسيات عملهم لانهم خلفاء دور المعصوم وبذلك فهم يستمدون الية تحركهم من سيرة المعصوم ومن هنا كان دفعهم لبعض المؤمنين للمشاركة في العملية السياسية استنقاذا للحقوق ودفع حجة المحتل بغياب البديل عن وجوده , اما الحكومة والبرلمان وغيرها من مفردات السياسة اليوم هي ناتجة من تصويت الناخب العراقي ولايمكن حينها الادعاء بسلطان الاحتلال عليها بل ان نفوذ المحتل ينتج من عمالة بعض ممثلي الشعب لا اكثر وكذلك سكوت بعض قادة الشعب الدينيين وهذا جزء من هدف المقالة , فلا يمكن واقعا لمرجع واحد القيام بالدور المطلوب لتصحيح مسار الامة اذا لم يقف معه باقي المراجع باعتبار عودة الناس الى قيادات دينية متعددة .
ان دفع الامام موسى الكاظم لبعض اصحابه للمشاركة في الحكم العباسي – رغم ظلمه – يُعد اساسا شرعيا لمبدأ استنقاذ الحقوق وقضاء حوائج الناس .

وما قانون الاحزاب لسنة 1960 الذي ذكرته الا ناتجا لوجودات الاحتلال قبله – وانا هنا لا انتقده – ونتيجة لعقول لا اسلامية ايضا فما الفرق ؟!

خامسا : انا لم انتقد حلم الدولة الاسلامية بل انتقدت الافراط في هذا الحلم ونسيان الواقع وترك الامة تموج في الفتن والضياع والجوع عند العجز عن تحقيق ذلك الحلم بسبب قوة وشراسة وحجم الاعداء الخارجيين والداخليين .
ان تحقق الدولة الاسلامية يستلزم وجود جيل قادر على تحقيقها والاهم ان يكون قادرا على ادامتها , وهذا هو ملخص موقف الامام جعفر الصادق عندما جاءه ابو مسلم الخراساني يدعوه لتولي الحكم ويخبره بوجود اكثر من مئة الف سيف له في خراسان واكثر من ثلاثين الفا في الكوفة وهو عدد ضخم في ذلك الحين الا ان الامام رفض تولي الحكم – وهو حقه - واوضح لابي مسلم سبب الرفض من خلال ادخاله لاحد اصحابه في تنور مسجور كما تذكرالرواية ليُري ابا مسلم محور تحرك المعصوم وهو مقدار طاعة الامة له والتزامها باسلامها الحق , وهذا هو معنى ( صناعة النخبة ) .


( حاولت الاختصار وضغط الجواب قدر الامكان )

تحياتي وسلامي
لجنابكم الكريم


علي الابراهيمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات