التنمية السكانية والبشرية .. خطوات نحو عالم مسلم ( زحف الحضارة الإسلامية )

التنمية السكانية والبشرية .. خطوات نحو عالم مسلم

( زحف الحضارة الإسلامية )







علي الإبراهيمي





A1980a24@yahoo.com



A1980a24@gmail.com







(( هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ))

28 سورة الفتح \ القران الكريم



( لايعتمد أمن العالم في القرن الحادي والعشرين على الأبعاد المادية فقط مثل مستوى النمو الاقتصادي والقوة العسكرية، بل إن الأبعاد الديموجرافية والتي تتعلق بالتركيبة السكانية حول العالم سيكون لها التأثير الأكبر، إذ من شأنها أن تحدد أي الدول التي ستشهد "مرحلة شيخوخة سكانية" وأيها سيكون الأكثر شبابا كنسبة من السكان؛ وهو ما يلقي بظلاله على طبيعة وحجم القوة العاملة ومن ثم مستوى النمو الاقتصادي )

جاك جولدستون \ عن \ مجلة الشئون الخارجية الأمريكية

( الدراسات تبين انه إذا حافظ الإسلام على معدل انتشاره الحالي فانه في خلال 5 إلى 7 أعوام ...سيكون الإسلام الدين الحاكم في العالم كله )

(أن عدد المسلمين تجاوز الحدود )

الكنيسة الكاثوليكية

(الإسلام هو أسرع الأديان نمواً في أوروبا، مدفوع من قبل الهجرة ومعدلات المواليد العالية، تضاعف عدد المسلمين في القارة ثلاث مرات خلال الـ 30 سنة الماضية، معظم الخبراء الديموغرافيين يتوقعون أن تكون معدلات النمو أعلى في السنوات المقبلة )

منتدى بيو للدين والحياة العامة



( الإسلام .. هل ستكون له دولة حاكمة عالمية شكلا ومضمونا ؟ وهل ستقوم تلك الدولة بحد السيف ؟ ام عبر منهجية يسيرها التخطيط الإلهي العام لإصلاح البشرية , باعتبار ان الإسلام خاتم وانضج الرسالات السماوية ؟ وما علاقة النمو السكاني العالمي بهذه المنهجية وهذا التخطيط الرباني ؟ . سنحاول من خلال بحثنا هذا استعراض عوالم الارقام والمناهج والإستراتيجيات التي تسيرها او تسير عبرها الحضارات والأمم المختلفة , وخصوصا تلك التي تتعلق بظاهرة الانفجار السكاني , عبر مجموعة إشارات واثارات واقعية )



....

التنمية السكانية أو النمو السكاني مفهومان أخذا حيزا واسعا في حوارات المراكز البحثية , سلبا وإيجابا , فهناك من يرى ان النمو السكاني يشكل عبئا على مسار التنمية الاقتصادية , وآخرون يرون أن التنمية السكانية ربما تصبح إحدى روافد التنمية الاقتصادية .

وتناولت البحوث المختلفة هذه المفاهيم التنموية من عدة زوايا , ترتبط بأواصر اقتصادية مع الأنظمة الليبرالية أو التنظيرات الشيوعية او تقترب من بعض الأطروحات الإسلامية . لكننا هنا سنحاول تلمس واقع مفهوم ( التنمية السكانية ) وارتباطه بمفهومي ( التنمية البشرية ) و ( الحركة الإصلاحية الإسلامية ) , عبر رؤية ( إسلامية ) جديدة هادفة ومتطورة مرحليا .





( هل النمو السكاني عامل ( إرهاق ) للتنمية الاقتصادية ؟ وهل ناشئ عن التخلف او مؤدي إليه ؟ ) :

هناك دراسات كثيرة تناولت قضية الزيادة السكانية والهواجس والمخاوف من الفجوة التي ستنشأ نتيجة اختلال التوازن بين معدلات النمو السكاني ومعدلات إنتاج الغذاء. منذ عقد أول مؤتمر عالمي للسكان في العام 1954 وإلى يومنا هذا هناك سيل عارم لا ينقطع من الدراسات حول السكان وقضاياهم تؤكد في مجملها أن مشكلة البلدان النامية إنما تتمثل في زيادة أعداد سكانها وبذلك سار أصحاب هذه الدراسات على خطا مالتوس مقررين أن السكان في تزايدهم إنما يخضعون لقانون أبدي مطلق هو أن التكاثر عملية بيولوجية أبدية، هذا القرار توصلوا إليه بعدما أكدوا كما قال مالتوس أن السكان يتزايدون وفق متوالية هندسية في حين تتزايد الموارد وفق متوالية حسابية وبالتالي كل ما يوجد في هذه البلدان من مشاكل الجوع والفقر.. الخ .. إنما يعود للتزايد السكاني السريع . ولعل من أبرز هذه الدراسات دراسة "بول إيرلتس"، منذ ما يقرب من 42 عاما مضت، والتي تنبأ فيها بحدوث مجاعة ستجتاح العالم في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. و تأثرا بهذا المنهج المادي طرحت المؤسسات الغربية والمتغربة مجموعة من الدراسات , ادرجت من خلالها مفهوم ( النمو السكاني ) ضمن اطارين هما ( الاعباء الاقتصادية ) و ( التخلف ) , واعتبرت ان احد اهم اسباب الانفجار السكاني لبلدان العالم الثالث ( النامية ) هي ( الثقافة التقليدية ) و ( المعتقدات الغير الواعية ) لتلك الشعوب .

وقد حاولت بعض هذه الدراسات الاستدلال على صحة ما طرحته من افكار ورؤى عبر ابراز مشاكل الدول النامية ( شبه المزمنة ) مثل : ( الديون , التخلف التقني , التراجع الصحي , انخفاض مستوى الدخل , الصراعات الداخلية .. الخ ) . لكن اغلب هذه الدراسات اغفلت الاسباب الواقعية لهذه المشاكل التي تعيق تقدم العالم الثالث والمتمثلة بالاتي :

1 – التبعية و الانقياد الاعمى لمصالح الدول والشركات الكبرى .

2 – وجود انظمة ديكتاتورية او عشائرية او عسكرية جائت عبر منهجية فرض غربية . تحرك العوامل الداخلية في البلدان نفسها التي تكرس التخلف وتعيد إنتاجه، كالنفقات الغذائية والعسكرية والمصاريف الباهظة على السلع الاستهلاكية.

3 - تدهور التبادل الدولي حيث تصدر هذه البلدان المواد الخام بأسعار زهيدة جداً لتستوردها مواد مصنعة بأسعار تفوق الخيال.

4 - هجرة الأدمغة والكفاءات العلمية او تصفيتها لاسباب مصلحية وسياسية .

5 - خدمة الديون: فالكثير من دول العالم الثالث لا يكفي كل ما لديها من واردات ودخل قومي لسداد ما هو مترتب عليها من ديون فيسجل ميزانها التجاري عجزاً نتيجة عدم المقدرة على دفع تلك الديون التي تأخذ شكل فوائد وأقساط وفق النظام الرأسمالي الربوي المنهك .

6 - تدهور التبادل الدولي حيث تصدر هذه البلدان المواد الخام بأسعار زهيدة جداً لتستوردها مواد مصنعة بأسعار تفوق الخيال.

7 - الخسائر الناجمة عن طريق تحويل أموالها للخارج بواسطة الشركات الأجنبية العاملة في هذه البلدان وبالعملات الصعبة .

8 – الفساد المستشري بسبب غياب الانظمة الرقابية .

ومن هنا ننطلق للاجابة على التساؤل الذي يفيد ( هل النمو السكاني عائق امام النمو الاقتصادي ؟ وهل ناشئ عن التخلف او مؤدي اليه ؟ ) من خلال مجموعة من الاضواء نسلطها على الواقع ( التجريبي ) للبلدان المتقدمة و النامية :

التزايد السكاني ما كان ولن يكون تجسيداً لقانون طبيعي مطلق، فقد بينت التجارب لشعوب مختلفة على مسار التطور التاريخي أن عملية تكاثر البشر إنما هي عملية اجتماعية يخضع لها البشر في سلوكهم الانجابي إلى عوامل تتعلق بطبيعة المحيط الاجتماعي وبالتالي لا داعي للحديث عن أن البشر يخضعون إلى عملية بيولوجية، وللبرهان على ذلك نأخذ تجربة الدول الأوروبية في تطوراتها السكانية، حيث أن عملية تزايد سكانها مرت بعدة مراحل فحتى عام 1750 كانت ضمن مرحلة التوازن السلبي فنتيجة سيادة نمط الانتاج الزراعي وحاجة الانتاج للأيدي العاملة والحاجة لاقتناء الأطفال نشأت قيم الزواج المبكر وارتفعت بالتالي معدلات الولادات، ونظراً للتخلف في المستوى الصحي ارتفعت معدلات الوفيات وبالتالي كانت معدلات النمو السكاني أقرب للثبات. أما المرحلة الثانية فكانت بين عامي 1750-1880 وكما ذكرنا سابقاً تميزت هذه المرحلة بالانتقال من الاقطاعية إلى الرأسمالية ومع حصول الثورة الصناعية زادت معدلات الخصوبة نتيجة الحاجة لتشغيل المرأة والأطفال فشاعت قيم الزواج المبكر وتعدد حالات الانجاب فارتفعت معدلات الولادات ، كذلك انخفضت معدلات الوفيات نتيجة التقدم الصحي، وهكذا شكلت المسافة بين الولادات والوفيات في هذه الرحلة انفجاراً سكانياً وذلك في القرن 19.

أما المرحلة الثالثة امتدت بين 1880-1930 حيث لم يعد العمل بحاجة لأيد عاملة كثيرة إنما أصبح يتطلب أيدي عاملة خبيرة وفنية فأصبح وجود الأطفال عبئاً على الأسر التي عملت على تخفيض معدلات الولادة ومع استمرار انخفاض معدلات الوفيات أصبح الفرق بينهما بسيطاً -حتى أن بعض الدول كانت تعاني من نقص سكاني- ودخلت هذه الدول في مرحلة التوازن الايجابي.

ومن جانب اخر تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التعداد الحالي لسكان العالم هو 6.83 بليون نسمة، ومن المتوقع أن يرتفع ليصل إلى 9.15 بليون نسمة بحلول عام 2050. وفيما يتعلق بالنمو الاقتصادي العالمي، يتوقع أن يزداد في نفس الفترة بنسبة تتراوح من 2-3% سنويا فقط؛ مما يعني أن الدخل العالمي سيزداد بصورة أكبر بكثير من عدد السكان على مدى العقود الأربعة القادمة , مما يظهر ان النظرية التي تربط ( النمو الاقتصادي ) بعلاقة عكسية مع (النمو السكاني ) هي نظرية غير دقيقة , كما أن نبوءة إيرلتس قد ثبت خطؤها نتيجة الاختراعات العلمية التي شهدها العالم وأدت إلى حدوث ثورة كبرى في المجال الزراعي، فيما عرف بعد ذلك بـ "الثورة الخضراء"، مما يحول نظرنا الى الرؤية القرانية التي تدعي ان الرزق مرهون بعطاء الرزاق .

و كذلك ايضا اثبتت تجارب البلدان النامية العكس من النظرية التشاؤمية السابقة , حيث كان العامل السكاني سببا رئيسيا في نموها وارتفاع مستوى الدخل للفرد . وهناك امثلة كثيرة وكافية لما طرحناه ولمجموعة من الدول ذات الكثافة السكانية العالية ومنها :

ماليزيا .. كان الماليزيون تحت خط الفقر بنسبة 52% من إجمالي السكان في عام 1970، أي أكثر من نصفهم، فصار الفقراء 5% فقط في عام 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 إلى 8862 دولارا في عام 2002، أي إن دخل المواطن زاد لأكثر من سبعة أمثال ما كان عليه منذ ثلاثين عاما، وانخفضت نسبة البطالة إلى 3% .

وتشير الأرقام أيضا إلى نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (حوالي 80%) ستقع خارج أوروبا والولايات المتحدة وكندا. وبحلول منتصف القرن، ستكون الطبقة الوسطى العالمية، وهم القادرون على شراء السلع الاستهلاكية المعمرة، أكثر تواجدا في الدول التي تعتبر الآن دول نامية. ويتوقع البنك الدولي أن تصل أعداد الطبقة الوسطى في الدول النامية إلى حوالي 1.2 مليار بحلول عام 2030، أي بزيادة تبلغ 200% مقارنة بعام 2005، وهو ما يعني أن النمو الاقتصادي في الدول الصناعية الجديدة، مثل الصين والهند وإندونيسيا والمكسيك وتركيا، سيكون المحرك الرئيس للتوسع الاقتصادي العالمي .

وهي كما نرى دولة تشغل اعلى المؤشرات في احداثيات السكان .

اذن ليس النمو السكاني هو السبب في التراجع الاقتصادي , بل هو ربما احد اهم الروافد التي تصب في دفع الاقتصاد الى الامام . كما ان النمو السكاني العالي يشير الى حالة صحية تبقي الامم حية .



النمو السكاني .. مؤشر حياة او موت :

التغير الديموغرافي يعني – بلا شك – تغيرا حضاريا وبالتالي تتغير معه مختلف التعاملات السياسية والاعتقادية والثقافية والاقتصادية . ودليل ذلك هو ما احدثته الهجرات الكبرى للبشر تأريخيا حيث اوجدت حضارات ونظم جديدة , وازالت – في بعضها – حضارات اخرى كانت شبه ميتة .

اما الحضارات الحية المتحركة فهي اسرع نموا واكبر تأثيرا وتغييرا للمحيط , كما هي الحضارة الاسلامية , حينما استطاع بعض المهاجرين بقيادة الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه واله ان يوجدوا امة لم تمت .

الابحاث والتقارير والدراسات التأريخية والاجتماعية والستراتيجية تؤكد : ( حتى تستطيع أى حضاره أن تبقى لاكثر من خمسه وعشرين عام يجب ان يكون لها معدل تكاثر سكانى بمقدار 2.11 وأى معدل اقل من هذا سيؤدى الى تقلص هذه الحضاره وبالرحوع الى التاريخ لم تستطيع أى حضاره البقاء مع معدل تكاثر 1.9 أما معدل تكاثر سكانى بمقدار 1.3 يعنى الموت المؤكد لهذه الحضاره لانها ستحتاج من ثمانين الى مائة عام لتصحيح عيوبها ولا يوجد أى نظام اقتصادى يستطيع ان يصمد كل هذه المدة ) .

ومن خلال هذا المدخل سوف نلج الى احدث الاحصائيات العالمية التي تصف الواقع السكاني للامم والحضارات المختلفة :

1 – اوروبا :

فى عام 2007 معدل الزياده الطبيعيه فى اوربا كلها يساوى 1.38 , بالرغم من ذلك نجد ان التعداد السكانى لاوربا لا ينقص ... لماذا ؟ .. الجواب : بسبب الهجرة . و منذ عام 1990 90% من بين مجموع الزياده السكانيه فى اوربا كلها سببها الهجره الاسلاميه .

وبالتفاصيل فان معدل النمو السكاني لاوروبا كالاتي :

فرنسا كان 1.8 و انجلترا 1.6 و اليونان 1.3و المانيا 1.3و ايطاليا 1.2و اسبانيا 1.1 .

ومن الواضح ان اوروبا تتجه نحو الانحسار عبر الموت البطيئ لحضارتها الخاصة .



2 – الولايات المتحدة :

معدل الزياده الطبيعيه الحاليه يساوى 1.6 ومع هجرة العروق اللاتينيه يصل معدل الزياده الى 2.11 وهو ادنى معدل للحفاظ على أى حضاره

3 – كندا :

حاليا معدل الزياده الطبيعيه فى كندا 1.6 والمعدل المطلوب للحفاظ على أى حضاره كما قلنا سابقا هو 2.11 وهي زيادة متداخلة مع الهجرة ( خصوصا الاسلامية ) .



صور واقعية :

( شيخوخة الدول العظمى )

توضح بيانات الأمم المتحدة -كما ورد في مقال في مجلة الإيكونوميست البريطانية- أن العالم سيشهد أربعة تحولات ديموجرافية كبرى من شأنها أن تحدث تحولا جذريا فيما يتعلق بسكان العالم في الأربعة عقود التالية؛ حيث ستنتقل موازين القوة، ولأول مرة في التاريخ، من أوروبا إلى دول أخرى في آسيا وإفريقيا نتيجة النمو السكاني السريع في تلك الدول والانكماش السكاني في الدول المتقدمة.

حيث اكدت تلك البيانات انخفاض الوزن الديموجرافي النسبي للدول المتقدمة بمعدل 25%، و تناقص القوة العاملة لدى الدول المتقدمة نتيجة الانكماش السكاني وزيادة عدد كبار السن، من المتوقع أن تشهد الدول المتقدمة زيادة في نسبة كبار السن، فالدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وحتى الصين تشهد معدلات شيخوخة غير مسبوقة، حيث تتراوح نسبة السكان الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة في الصين وكوريا الجنوبية بين 12-15%، وتتراوح هذه النسبة في كل من الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة بين 15-22%، وتصل إلى 30% في اليابان.

وتشير التوقعات أنه بحلول عام 2050 سيصل 30% من الأمريكيين والكنديين والصينيين والأوروبيين إلى عمر الستين، إضافة إلى أكثر من 40% من اليابانيين والكوريين الجنوبيين.

من جهة أخرى ستشهد الدول الصناعية انخفاضا في عدد السكان في سن العمل بشكل يفوق الانخفاض في عدد السكان نفسه، وتعد كوريا الجنوبية المثال الأكثر وضوحا؛ فإلى جانب الانخفاض المتوقع في إجمالي عدد السكان بنسبة 9% بحلول 2050 (من 48.3 إلى 44.1 مليون)، فإن عدد السكان في سن العمل سينخفض بنحو 36% (من 32.9 مليون إلى 21.1 مليون نسمة)، بينما سيزداد عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما بنحو 150% (من 7.3 مليون إلى 18 مليون).

وتعبر حالة كوريا الجنوبية عن بقية أوضاع الدول المتقدمة، إذ يتوقع أن تخسر أوروبا 24% من السكان في سن العمل (نحو 120 مليون عامل) بحلول عام 2050، كما يتوقع أن يزداد عدد السكان في سن 60 سنة أو أكثر بنحو 47%. وفي الولايات المتحدة يتوقع نمو عدد السكان في سن العمل بسبة 15% في العقود الأربعة القادمة، وهو معدل نمو يقل كثيرا عن معدل النمو الذي شهدته الفترة من 1950-2010 (حوالي 62%)، كما يتوقع أن يتضاعف عدد السكان في سن 60 سنة أو أكثر.



تشير معظم التقارير والإحصائيات إلى أن معظم سكان الدول الصناعية في أوروبا وأمريكا الشمالية وشمال شرق آسيا هم من كبار السن .



الواقع في العالم الاسلامي :

ليست دول العالم الإسلامي ببعيدة عن هذه التغيرات، ففي عام 1950 كان مجموع سكان كل من بنجلادش ومصر ونيجيريا وإندونيسيا وباكستان وتركيا (وهي أكثر دول العالم الإسلامي كثافة سكانية) حوالي 242 مليون نسمة، وارتفع هذا العدد إلى حوالي 886 مليون نسمة بحلول 2009، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد بمقدار 475 مليون بحول عام 2050، في حين ستكون الزيادة في نفس الفترة في الدول الست الأكثر نموا من حيث عدد السكان في العالم المتقدم حوالي 44 مليون نسمة فقط . كما أن هناك 28 دولة ذات أغلبية إسلامية أو توجد بها أقلية مسلمة تبلغ نسبتها 33% أو أكثر، (من بين 48 دولة) هي أكثر دول العالم نموا من حيث عدد السكان إذ يبلغ معدل نموها 2% أو أكثر.



مقارنة ( سكانية حضارية ) من خلال نسبة اعتناق الاديان ونموها :

يعتبر دين الإسلام أحد أكبر الأديان في العالم، ويعد ثاني دين في العالم من حيث عدد معتنقيه إذ قدر عدد المسلمين طبقاً لأبحاث منتدى ييو للدين والحياة العامة في العام (2009) 1.57 مليار نسمة بنسبة 23% لعدد سكان في العالم ، ويقدر بعض الباحثين عددهم في العالم (2010) بأكثر من 1.7 مليار نسمة .

وفقاً لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قدرت قاعدة بيانات العالم المسيحي للعام 2007 للدين المسيحي كسادس أسرع دين نمو في العالم، وكانت : الإسلام (1.84%)، والعقيدة البهائية (1.7 ٪)، السيخ (1.62 ٪)،اليانية (1.57 ٪)، الهندوسية (1.52 ٪)، والمسيحية (1.32 ٪)، ارتفاع معدلات الولادة كان السبب في النمو .

المونسنيور "فيتوريو فورمينتي" قال في مقابلة مع صحيفة الفاتيكان (رومانو L) : "لأول مرة في التاريخ يتعدى الإسلام الديانة المسيحية ويكون أكبر ديانة في العالم" وقال : " إن الكاثوليك يمثلون 17.4 في المئة من سكان العالم وهي نسبة مستقرة بينما المسلمون يمثلون 19.2 في المئة" وأوضح قائلاً :"السبب وراء ذلك هو أن العائلات المسلمة عادة ما تنجب الكثير من الأطفال بينما أعداد أطفال العائلات المسيحية تقل وتقل ) .







الشعوب الاسلامية فتية :

ان معدل الولادات في العالم الاسلامي يصاحبه ارتفاع في مؤشر الصحة العامة وبالتالي انخفاض عدد الوفيات , لكن القضية الاهم ان نسبة الاعمار القادرة على العمل 15 – 60 مرتفعة جدا في الشعوب الاسلامية .

حيث تشير الدراسات ان معظم سكان دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا هم من الشباب وصغار السن , لذلك ترتفع معدلات الهجرة الناشئة من الحاجة الى العمل . كما تشير أيضا إلى أن أكثر من 70% من معدلات الزيادة السكانية في العالم حتى عام 2050 ستتركز في 14 دولة تصنف، طبقاً لتقرير للبنك الدولي صدر في عام 2008، أنها من الدول ذات الدخل الأقل في العالم حيث يبلغ متوسط دخل الفرد فيها أقل من 3.855 دولار أمريكي , وهي كما نلاحظ المناطق التقليدية للشعوب الاسلامية , خصوصا مع اضافة غوايانا المسلمة الواقعة في القارة اللاتينية .



التحضر او ارتفاع مؤشرات النضج الحضاري :

القرية الكونية بافرازها لثورة الاتصال والمعلومات ومعدلات النمو الاقتصادي والسكاني وتحسن مستوى الدخل وانحسار الاستعمار المباشر وتغير الكثير من الملامح القديمة للانظمة السياسية والانفتاح الاكاديمي والديني وظهور حركات وشخصيات اسلامية اصلاحية واعية ساعدت في تقدم المسلمين حضاريا وثقافيا , سواءا في بلدانهم او البلدان التي استوطنوها .

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نسبة التحضر في إفريقيا جنوب الصحراء ستزداد من 35% (300 مليون نسمة) في عام 2005 إلى 67% (مليار نسمة) في عام 2050. وفي بلدان مثل اندونوسيا و ماليزيا يمكن عد ظاهرة التمدن امرا مألوفا . وعلى مستوى دول الخليج نمت ظاهرة التحضر خلال الاربعين سنة الماضية بشكل مطرد . وفي بلدان اسيا الوسطى لازالت تنمو مع ازدياد رغبة الجيل الجديد بالتعليم . وفي الأردن التحضر : بسبب الزيادة السكانية تصبح المدن جاذبة للسكان الطموحين القادمين من الريف إلى المدن وقد بلغت نسبة سكان المدن في الأردن 79% عام 1998م في حين تراجع سكان الريف إلى 21 % وبالرغم من وجود سكان من أصول بدوية إلا أنهم مستقرون فمعظمهم يملكون منازل أو يستأجرونها ولا يوجد بدو رحل في الأردن . وفي العراق هناك اتجاه صاعد ومستمر في نسبة سكان المدن الكبيرة من مجموع السكان الحضر إذ ارتفعت من 34% في عام 1947 إلى 58% في عام 1965 واستمرت صعودا حتى التسعينات من القرن الماضي , حيث بدأت بالاتجاه المعاكس , لكنها عادت لترتفع بشكل كبير جدا بعد 2003 .

و دائما تصحب هذه التحركات الحضرية مؤشرات التمدن و مراجعة الذات , نتيجة تقارب وسائل التواصل والتلاقي , وكذلك الاحتكاك بين فئات وطبقات مختلفة .



( زحف الحضارة الاسلامية ) و ( انحسار الحضارات الكبرى الاخرى ) :



العوامل السابقة المتعلقة بظاهرة النمو السكاني للبلدان الاسلامية , عبر ارتفاع معدلات الخصوبة وتحسن الوضع الصحي وانخفاض معدل الوفيات , وكذلك انخفاض معدلات الخصوبة وظاهرة الشيخوخة التي اصابت الحضارات الكبرى القائمة في اوروبا و القارة الامريكية وشرق اسيا , ادى الى بروز ظاهرة كبرى جديدة شبيهة بالهجرات التأريخية الكبرى للبشرية , وهي ظاهرة ( الزحف الاسلامي وانحسار الحضارات الاخرى ) .

وقد نتجت هذه الهجرة من البلدان الاسلامية باتجاه الامم الاخرى في البداية لاسباب لم تكن خاضعة لستراتيجية او منهجية , وانما بشكل عفوي , لم يدرك البعض تدخل اليد الالهية فيه , و منها :

1 – الحاجة الى العمل .

2 – الهرب من واقع بعض بلدان الاصل .

3 – لم شمل العائلات .

4 – الدراسة والتعليم .

5 – اسباب اخرى متعددة ومتنوعة .

فكانت النتيجة انتشار الاسلام كدين و افراد في مختلف اصقاع العالم مع تراجع الاديان والامم الاخرى :



الاسلام يدخل الى حواضر الدول الكبرى – شرقا وغربا - :

( الولايات المتحده )

فى عام 1970 كان هناك 100 الف مسلم فى امريكا وفى عام 2008 زاد عدد المسلمين 9 مليون مسلم فى امريكا . و أشارت عملية مسح حديثة صادرة عن مركز الأبحاث الاجتماعية في "جامعة جورجيا" الأميركية، إلى أن الإسلام أسرع الأديان انتشارًا في "الولايات المتحدة" اليوم . ويبلغ عدد المساجد في أمريكا - بحسب المسح - ما يزيد على 1209 مساجد، بُني أكثر من نصفها خلال السنوات العشرين الماضية، وتتراوح نسبة الذين تحولوا إلى الديانة الإسلامية ما بين 17 و30 بالمائة. وبحسب أخبار قناة (إن بي سي) الفضائية فإن : 20,000 أمريكي يعتنقون الإسلام سنوياً

(كندا )

الاسلام هو اسرع واكثر دين انتشارا , و ما بين عام 2001 و 2006 زاد التعداد السكانى لكندا بمقدار 1.6 مليون نسمه منها مليون نسمه كان سببها الهجره الاسلاميه .

(فرنسا )

تبلغ معدلات الانجاب فيها 1,8% يقابلها معدلات خصوبة في مجتمع المسلمين بها بلغت 8,1% في بعض الأحيان , و فرنسا الجنوبيه هى واحده من اكثر الاماكن المزدحمه بالكنائس فى العالم , تحتوى الان على مساجد أكثر من الكنائس .

30% من الاطفال بين سن ال 20 فاقل مسلمون ...أما فى المدن الأكبر مثل نيس ومارسيليا وباريس هذا الرقم وصل الى 45%...فى عام 2027 واحد من كل 5 فرنسين سيكون مسلما وخلال 39 عام فقط سوف تصبح فرنسا جمهورية إسلامية , كما حذرت بعض التقارير الغربية . واوضحت صحيفة ( جون افريك ) الفرنسية : أن الإسلام أصبح ثاني أكبر ديانة في فرنسا بعد النصرانية «الكاثوليكية»، مشيرةً إلى أن بعض المصادر الفرنسية تؤكد أن هناك نحو 50 ألف فرنسي يعتنقون الإسلام كل عام



( بريطانيا )

خلال 30 عام الماضيه التعداد السكانى للمسلمين فى بريطانيا العظمى ارتفع من 82000 الى 2.5 مليون نسمه زياده بمقدار 30 ضعفا . وبأكثر من ألف مسجد فيها اليوم، علماً بأن أغلب تلك المساجد كانت كنائس في السابق . و يوجد في بريطانيا حالات إعتناق إسلام كبيرة وصلت إلى 10,000 - 20,000 بريطاني يعتنق الإسلام سنوياً .



( هولندا )

فى هولندا 50% من المواليد مسلمون وفى خلال 15 عام فقط سيصبح نصف عدد سكان هولندا مسلمين



( روسيا )

فى روسيا هناك 23 مليون مسلم أى واحد من بين كل خمسه روسيين..40% من الجيش الروسى بكامله سيكون من المسلمين فى خلال اعوام قليله . في شهر يوليو من عام 2008 نشرت جريدة "برافدا الروسية" مقال بعنوان : "الاسلام سيكون دين روسيا الاول مع حلول عام 2050 .



( بلجيكا )

25% من سكان بلجيكا الحاليين مسلمون 50% من المواليد مسلمون , و حكومة بلجيكا صرحت : واحد من كل ثلاث أطفال أوربين سينتمي الى عائله مسلمه فى عام 2025 .

(ألمانيا )

كانت الحكومة الألمانية الأولى في التحدث عن هذا الخطر علناً، حيث أفادت رسمياً أن الهبوط الحادَ في معدَلات النمو السكاني في ألمانيا لا يمكن إيقافه الآن بوصوله مرحلة اللاعودة، وبأن ألمانيا ستصبح دولة مسلمة بحلول عام 2050م .



( اوروبا عموما )

هناك حاليا 53 مليون مسلم فى اوربا , بينهم 16 مليوناً في الاتحاد الأوروبي , والحكومه الالمانيه صرحت ان هذا العدد سيصل الى الضعف خلال 20 عام فقط أى 104 مليون مسلم . وقد أفادت حكومة الاتحاد الأوروبي بأن ثلث المواليد في أوروبا سيكونون من المسلمين بحلول عام 2025م , أي خلال 17 سنة قادمة فقط .

المناطق ذات الأغلبية المسلمة في أوروبا هي ألبانيا، كوسوفو، وأجزاء من البوسنة والهرسك، وبعض المناطق الروسية في شمال القوقاز ومنطقة الفولغا والتي يسيطر عليها المسلمون السنجق نوفي بازار وينقسم بين صربيا والجبل الأسود. وهي تتألف في الغالب من الأوروبيين الأصليين من المؤمنين بالدين الإسلامي، الذي تعود تقاليده لمئات السنين، وتعد دولة تركيا وأذربيجان وكازاخستان كذلك ذات الأغلبية المسلمة، ويتألف السكان المسلمين الذين يعيشون في أوروبا الغربية في المقام الأول للشعوب الذي وصلوا إلى القارة الأوروبية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي خلال أو بعد العام 1950.

توجد بيانات عن معدلات نمو الإسلام في أوروبا تكشف عن أن عدداً متزايداً من المسلمين يقطنون في أوروبا يرجع أساساً إلى الهجرة وارتفاع معدلات الولادة والتحولات للإسلام .

قال "منتدى بيو للدين والحياة العامة" :"الإسلام هو أسرع الأديان نمواً في أوروبا، مدفوع من قبل الهجرة ومعدلات المواليد العالية، تضاعف عدد المسلمين في القارة ثلاث مرات خلال الـ 30 سنة الماضية، معظم الخبراء الديموغرافيين يتوقعون أن تكون معدلات النمو أعلى في السنوات المقبلة " .

ويؤكد علماء السكان أو الديموغرافيا استحالة عكس النمو المتراجع لتلك المجتمعات على المدى المنظور، وأن أوروبا كما نعرفها اليوم بمعدلات الخصوبة تلك تحتاج إلى سنوات قليلة فقط لتتوقف عن الوجود بشكلها الحالي اليوم . بالرغم من ذلك كله فإن عدد سكان أوروبا اليوم ليس متناقصاً بل متزايداً، والسبب هو معدلات الهجرة إليها. أو بالأحرى الهجرة الإسلامية إلى أوروبا. ومن الجدير بالذكر أن المسلمين شكَلوا ما نسبته 90% من مجموع المهاجرين إلى أوروبا منذ عام 1990.



( باقي دول العالم الكبرى )

تشهد دول شرق اسيا شيخوخة عامة وارتفاع حاجتها الى الافراد في سن العمل تدريجيا , وسوف تتجه مستقبلا نحو تطوير التعاون مع البلدان الاسلامية الفتية والنامية وذات الاسواق الواعدة . كما تشهد هذه الدول هجرة معاكسة باتجاه الاراضي الاسلامية , عبر هجرة ابنائها للعمل في الخليج والدول الاسلامية الاخرى , مما سمح بتبادل ثقافي كانت الغلبة فيه للديانة الاسلامية الحية والناضجة والملبية لمتطلبات الانسان المعاصر . فرجع ابناء هذه البلدان الاسيوية وهم يحملون معهم مشعلا للتنوير في بلدانهم الام .

اضافة الى احتواء دول شرق اسيا الكبرى على شعوب اسلامية تنمو باطراد . و هناك دراسات مسيحية تشير إلى تناقص نسبة المسيحيين المصريين بسبب هجرة بعضهم إلي الخارج، واعتناق أعداد منهم الدين الإسلامي، إضافة إلي انخفاض معدل الإنجاب لدى المسيحيين وارتفاعه لدى المسلمين. وتشير هذه الدراسات أنه إذا إستمر هذا التناقص سيؤدي إلى إنقراض المسيحيين خلال 100 عام في مصر. ويقول الأنبا ماكسيموس الأول المنشق عن الكنيسة القبطية "أن 50 ألف مسيحي يعتنقون الإسلام سنويا أي ما لا يقل عن مليون وربع تركوا المسيحية وأشهروا إسلامهم خلال ال36 سنة الماضية -حتى عام 2008- وقال انه يملك اسطوانة بها تسجيل صوتي للأنبا باخميوس مطران البحيرة في اللجنة الخماسية يقول فيه ان معنقي الإسلام في مصر يبلغون حوالي 50 ألف شخص سنويا طوال الستة وثلاثون عاما وحينما سأله أحمد منصور عن الأسباب فقال ماكسيموس ان غالبيتهم تحولوا إلى الإسلام بسبب مشاكل وأن 50% منهم اعتنقوا الإسلام بسبب مشكلة الطلاق .



تركيز الوعي الديني .. المضاد الحيوي لمشاكل النمو السكاني والتمدد الحضري :

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نسبة التحضر في إفريقيا جنوب الصحراء ستزداد من 35% (300 مليون نسمة) في عام 2005 إلى 67% (مليار نسمة) في عام 2050. وفي الصين سترتفع النسبة من 40% إلى 73% بحلول عام 2050، وفي الهند سترتفع النسبة من أقل من 30% إلى 55% عام 2050. وبشكل عام يتوقع زيادة عدد سكان العالم الذين يعيشون في مناطق حضرية بنحو 3 مليار نسمة بحلول عام 2050.

وقد عدد "ريتشارد كونكاتا" تداعيات هذه المشكلة على بلدان العالم النامي ومنها: قلة العاملين بمهنة الزراعة، وكثرة التجمعات السكانية في الحضر التي تجعل هذه الدول أكثر عرضة للفوضى والعنف والفقر ومأوى لرجال المافيا والعصابات والجريمة المنظمة وأعمال الشغب، إلى جانب أنها قد تعزز من ظاهرة "الإرهاب الدولي" التي تنشأ من رحم تلك المجتمعات، وذلك نظراً لما توفره من تربة خصبة لنمو الاتجاهات المتطرفة نتيجة انعدام الأمن وفقدان سيطرة الدولة على تلك المناطق؛ وهو ما يوفر فرصة جيدة لتجنيد الأفراد وتدريبهم.

ويمكن القول إن هذا "الامتداد الحضري" الذي ينمو بسرعة في بلدان العالم النامي سيجلب الكثير من المشكلات في العقود القادمة تكون أشبة بالمعاناة التي مرت بها أوروبا في القرن التاسع عشر من انعدام الأمن والافتقار للمرافق وانعدام الوظائف والعنف المتكرر في المجتمع، بل أدت هذه الأوضاع أحيانا إلى ثورات كبرى غيرت تاريخ أوروبا ومنها ما حدث في أعوام 1820 و1830 .

لذلك وبعد عدة تجارب تأريخية صار من الضروري ادخال العامل الديني – المعتدل والواعي – كضابط و ثابت توازن لمعالجة المشاكل الطارئة , و واقي من حدوثها . وهذا الالية المستخدمة للدين في علاج الامراض الاجتماعية ليست وليدة رغبة ( اسلاميين ) , بل هي ما توصلت اليه حكومات العالم المتقدم – كما يعبرون – ونقلها الرئيس الامريكي ( جورج بوش ) . ولما كانت اغلب الديانات غير مستوعبة لروح العصر او ميتة – علميا – خصوصا مع ما وقع عليها من التحريف كان من اللازم جعل الدين الاسلامي الحي والداخل في اصغر تحركات الافراد - فضلا عن اكبرها – والمواكب للتطور الانساني – لاسيما مع استمرار الحياة في منظومة الاجتهاد للمذهب الامامي – هو المضاد الحيوي لاية فيروسات تفرزهات مجموعة التحولات المدنية القادمة .



دعم عناصر التنمية البشرية ضرورة حضارية لرفد حركة التنمية السكانية :

النمو السكاني في العالم الاسلامي حقيقة معاصرة . ان هذه الظاهرة يمكن ان تكون سببا في نهضة حضارية وثقافية اسلامية شاملة , ولكن بشرط اساسي يصحبها هو ( دعم عناصر التنمية البشرية ,المستوى المعيشي , الثقافة , الصحة العامة , الصحة العقلية , الوعي الاعتقادي .. الخ ) .

والتنمية البشرية مفهوم صار الاهتمام به من علامات التطور الانساني المعاصر , لذلك سنتناولها بشئ من التفصيل :

التنمية البشرية هي العنصر الأهم في ميزان تطور الدول حيث تشمل مستوى المعيشة الاقتصادية للأفراد، وتشمل مستوى الخدمات التعليمية والصحية المقدمة والمتوفرة لهم، وتتضمن أيضاً الارتقاء بواقع المرأة والحرية السياسية التي يعيشها أفراد الشعب. فتوفر مثل هذه العناصر بدرجة متقدمة يجعل الدولة أكثر تقدماً وشعبها أكثر تحضراً . إن مصطلح التنمية البشرية يؤكد على أن الإنسان هو أداة وغاية التنمية حيث تعتبر التنمية البشرية النمو الاقتصادي وسيلة لضمان الرخاء للمجتمع، وما التنمية البشرية إلا عملية تنمية وتوسع للخيارات المتاحة أمام الإنسان باعتباره جوهر عملية التنمية ذاتها أي أنها تنمية الناس بالناس وللناس .

والتنمية البشرية المركبة تستدعي النظر إلى الإنسان هدفا في حد ذاته حين تتضمن كينونته والوفاء بحاجته الإنسانية في النمو والنضج والإعداد للحياة .إن الإنسان هو محرك الحياة في مجتمعه ومنظمها وقائدها ومطورها ومجددها. إن هدف التنمية تعنى تنمية الإنسان في مجتمع ما بكل أبعاده الاقتصادية والسياسية وطبقاته الاجتماعية، واتجاهاته الفكرية والعلمية والثقافية.

لكي تحقق السعادة و النجاح فعلينا أن نهتم بتنمية كل من هذه الجوانب في حياتنا :

الجانب الإيماني والروحاني و الجانب الصحي والبدني و الجانب الشخصي و الجانب الأسري و الجانب الاجتماعي و الجانب المهني و الجانب المادي , وتحقيق الاستقرار في كل من هذه الجوانب يشكل ركنا رئيسيا في تحقيق النجاح والاستقرار . حيث ان الاسلام سبق الوضعيين في التأكيد على مبادئ التنمية بوجه عام والتنمية البشرية بوجه خاص وأوضح ان الشرع ربط في التنمية بين الدنيا والآخرة ولكن تخاذل المسلمين عن الأخذ بتعاليم الاسلام جعلهم في ذيل كثير من الأمم•

حيث ان نظرة الاسلام إلى التنمية البشرية انها تعني الحياة الطيبة فهو لا ينظر لصنع الثروة بقدرما ينظر إلى صانع تلك الثروة وهو الانسان ذلك المخلوق الذي له القدرة على صنع الثروة وفي الوقت نفسه لا تصنعه الثروة وهو بطبيعته أكرم مخلوق لله ولذلك سخر الله له الكون خادماً لا مستخدماً•• وتنبعث الرؤية التنموية في الاسلام من قضية الاستخلاف وفلسفته في العلاقة بين الانسان والكون ومالكهما رب العالمين وهو مفهوم يجمع بين التنمية الروحية والمادية ويُعلي من شأن النفس الانسانية ولهذا فهو مفهوم يتجاوز المنظور المادي وتحقيق الرفاهية القائمة على اشباع متطلبات الجسد ويمتد إلى متطلبات الروح والعقل التي لا تقل عن الناحية المادية في الحياة فالانسان بفكره هو الذي يصنع الماديات وقد توجد الماديات ولا يوجد الانسان المفكر المتحضر فالفكر قبل المادة•.

وإضافة إلى ما سبق ذكره، فإنه بالنسبة لنا في العالم الإسلامي لا بد من تطوير المعايير الخاصة بقياس التنمية البشرية، لتنسجم مع خصوصية إطارنا المادي والحضاري. وعلى سبيل المثال، فإنه في الحقل الخاص بمؤشرات التربية والتعليم (المصطلح المعتمد عالمياً هو التعليم) يمكن إدراج نسبة حفظة القرآن الكريم، قياساً إلى عدد السكان. فهذا مؤشر جوهري، يشير تطوّره إلى مدى النضج الروحي، والرشد الأخلاقي العام، القادر على تحصين المجتمع من الانزلاق إلى دروب الجريمة والانحلال، التي تجلب من العواقب والتبعات ما يُطيح بفرص التنمية بشتى مساراتها.

ويجب على القائمين على مشاريع النهضة والتنمية والاصلاح في العالم الاسلامي العمل على تهيئة جيل جديد من المسلمين قادر على حمل مشعل النهضة . و لينتج افراد مسلمون قادرون على التأثير في البيئات الجديدة التي استوطنوها عبر الهجرة اليها . ولا يتم ذلك الا من خلال النهوض بواقع البلاد الاسلامية – مؤسسات وافراد - .

إلا أن التقدم في مراتب التنمية البشرية من المرتبة التي نحن فيها اليوم لن يكون سهلاً وإنما بحاجة إلى تكاتف الجهود في تخطيط مشترك نحو رفع مكانة المسلمين . فلا يمكن الاكتفاء بما نقوم به اليوم من جهود وما نقدمه من خدمات ونقول اننا قادرين على أن نصل إلى أعلى مراتب دليل التنمية البشرية . بل أن العمل يتطلب أن يكون لدينا هدف واضح يتمثل في الإجابة على الأسئلة التالية:

أين نريد أن نصل بمستوى التنمية البشرية لدينا؟ وإذا أردنا التقدم فما هي نسبة التقدم المطلوبة بين كل فترة وأخرى؟ إذا حددنا هدفنا وجعلناه هو الهدف المرجو تحقيقه عندها نبدأ في إيجاد الجهود المشتركة والتخطيط والتنسيق المشترك بين مختلف الجهات من أجل الوصول إلى ذلك الهدف في الفترة الزمنية التي قمنا بتحديدها.

فلا يكفي أ ن نحدد هدفنا ونترك الجهود مبعثرة في تنفيذ هذا الهدف، ولا يمكن أن نحدد الهدف ونتركه من دون تخطيط وتنسيق يتماشى مع الهدف المرجو تحقيقه.

لذلك ومع أهمية التنمية البشرية في حياة الشعوب ومستقبل الدول فإن تحديد الهدف والتخطيط له من المفترض أن يكون من جهة مختلفة عن الجهة المنفذة، حيث ان المنفذ إذا ما كان هو المخطط فإن تنفيذه لن يكون بحجم المسؤولية ولا الشفافية التي يمكن أن تكون عليه في حالة أن المخطط هي جهة أخرى تكون مسؤوليتها ضمان التنفيذ السليم لما وضعته من خطط وتتولى عملية المراقبة والمحاسبة في التنفيذ.

لذلك فإن أهمية التنمية البشرية تتطلب منا إيجاد جهة تتولى هذه المسؤولية وتكون بحجم وقدر هذه المهمة الكبرى.

و مسؤولية تنمية قدرات الفرد المسلم لها اولوية قصوى تتقدم على باقي المسؤوليات – على اهميتها - , فالانسان مخلوق من عناصر الماده والروح , واى اختلال بين هذه العناصر من الممكن ان يؤدى الى حالة من حالات عدم الاتزان , وعدم الاتزان هذا بطغيان عناصر الماده على عناصر الاثير الغير ملموس للروح او ما يطلق عليه الميتافيزيقا هذا الاختلال او الطغيان لعناصر الماده من الممكن ان يؤدى بالانسان ان تسيطر عليه رغبات الحس وشهوات الجسد , والتوازن بين عناصر الماده والروح فى الانسان مطلوبه لاحساس الانسان بالسعاده والرغبه فى الحياه والتمتع بها .

ويوجد اربعة خطوات لاحداث التوازن بين عناصر الماده والروح كلهم مهمين جدا لاحداث التوازن واحساس الانسان بسعادته وهم :

( العبادات )

ممارسة العبادات من اهم عوامل التوازن النفسى لانها تغذى الجانب الروحى .

( العلاقات الاجتماعية السليمه )

علاقات الانسان بمن حوله من افراد فى محيط معارفه واصدقائه وجيرانه وزملائه بالعمل وبالاخص علاقات الانسان بافراد اسرته وعائلته المقربين منه فان الانسان الناجح فى اقامة علاقات يسودها الود والتفاهم والسلام بينه وبين اقاربه وجيرانه وزملائه هو الاقراب الى الاحساس بالتوازن والسلام الداخلى والسلام الاجتماعى واى توتر فى هذه العلاقات خاصة العلاقات العائليه والاسريه يؤثر بالسلب على احساس الانسان بالتوازن واحساسه بالسعاده .

( الزواج )

فالانسان المتزوج هو الاكثر قدره على التوازن النفسى والاجتماعى واذا كان الانسان غير متزوج كان ابعد عن الاحساس بالتوازن النفسى والاجتماعى وهذا يتضمن ايضا ان يكون الزواج ناجح بكل معانيه وتكون العلاقه بين الزوجين يسودها الحب والوفاء والاخلاص وكلما تواجدت هذا الزواج الناجح بالاضافه الى العناصر السابقه كان الانسان الاقرب للاحساس بالسعاده وكلما توترت هذه العلاقه الزوجيه اثر هذا بالسلب على رصيد الانسان من السعاده .

( ممارسة الرياضات البدنيه )

ممارسة الرياضه البدنيه مهمه فى سعى الانسان لاحداث التوازن الداخلى والسلام الاجتماعى فالانسان الذى لا يمارس الرياضه يترهل جسده وقد يؤدى هذا الى عدم رضائه عن مظهره الخارجى وبالتالى يؤثر بالسلب على احساسه بالسعاده والرضا النفسى وممارسة الرياضه تؤدى الى نوع من انواع التحكم فى الذات وزيادة التامل والرقى النفسى والروحى .





التبادل العلمي والثقافي والمالي .. آلية للرقي :

ان التواصل المباشر بين العالم المسلم وباقي الحضارات و الثورة المعلوماتية الحديثة يمكن لهما ان يصبحا رافدا يصب في مصلحة التنمية النهضوية الاسلامية , وذلك عبر الاستفادة من الكوادر التي اصبحت تشكل ارقاما مهمة في الدول المتقدمة , خصوصا في عملية تطوير قطاع التعليم العالي , او الكوادر التي تكونت داخل البلدان الاسلامية . كما يمكن استثمار ما تدره تلك الكوادر المهاجرة من الاموال عبر التحويل المصرفي لذويها وبالتالي للبلدان المسلمة في تنمية هذه البلدان .حيث تقدر الوكالات الدولية ان ما يتم تحويله سنويا من المهاجرين الى بلدانهم الاصل يتجاوز 125 مليار دولار ابتداء من 2004 , وهو ما يتجاوز ميزانيات مجموعة كبير من البلدان الاسلامية مجتمعة .

لكن كل هذه القضايا مرهونة بارادة القائمين على مسؤولية البلاد الاسلامية . ومع صعوبة توفر مثل هذه الارادة فانا على يقين بوجود اليد الربانية التي تدفع باتجاه نهضة المسلمين .



حاجة العالم المتقدم لليد العاملة المسلمة .. ضرورة :

ان النمو في اليد العاملة للبلدان النامية سيتضاعف اربع مرات تقريبا ابتداءا من 2001 وما يليها من اعوام , مع انخفاض نمو اليد العاملة الاوروبية بما يصل الى 10 % . ومن هنا ستكون حاجة اوروبا للمهاجرين ملحة . ونتيجة حاجة البلدان النامية غير المسلمة – كالصين وبعض بلدان امريكا اللاتينية - لليد العاملة الوطنية بسبب الخطط التنموية لهذه البلدان وحفاظا على مستوى الانتاج , و وجود الفائض في القوى العاملة المسلمة نتيجة غياب التخطيط التنموي للكثير من حكومات البلدان الاسلامية , ستشهد الفترة القادمة طلبا اوروبيا على الايادي العاملة المسلمة . خصوصا اذا لاحظنا ما يميز الايادي العاملة المسلمة على غيرها من قوى العمل :

1 – وجود نسبة عالية من الكفاءات

2 – سرعة التأقلم

3 – انخفاض نسبة الجريمة بين المهاجرين المسلمين بخلاف الكثير من مهاجري البلدان الاخرى

4 – القدرة العالية على التطور و بناء الذات

5 – القدرة على الابداع

وهذه العوامل مكنت وستمكن المهاجرين المسلمين من المنافسة في سوق الايدي العاملة , وبالتالي ستكون اوروبا التي تنظر بعين الخبير متجهة تلقائيا صوب اليد المسلمة .



الخلاصة :



ان التنمية السكانية للبلدان المسلمة المصحوبة بتنمية بشرية و ثقافية ترتكز الى الهوية الدينية الصحيحة مع بقاء الانخفاض في مؤشر حياة الحضارات الاخرى سيجعل الدين الاسلامي حاكما على العالم الجديد بكل مفاهيمه وتوجهاته .





المصادر :

ملاحظة : تمت الاستفادة من عدة نصوص جائت في المصادر ادناه بين طيات البحث .

1 - تقرير عن تغير الخصائص السكانيه للعالم نشرته وسائل الاعلام الكندية والامريكية

2 – ( نمو الاسلام ) موسوعة ويكيبيديا

3 – أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية \ رياض نعيم

4 - التنمية البشرية في العالم الإسلامي \ عبد الجليل زيد المرهون

5 - دراسة للدكتور أشرف دوابة استاذ الاقتصاد بجامعات مصر والامارات

6 - ظهور مصطلح التنمية البشرية \ مدونات

7 – الهجرة والتنمية والسكان \ سوزان مارتن \ جامعة جورجتاون \ أعدت لديفيد وسيل باكارد

8 - سكان العالم الإسلامي.. وتغير موازين القوى في العالم \ جاك جولدستون \ رانيا عبد الجيد

9 - د. نعيم إبراهيم الظاهر

10 - ملاحظات في السكان والتنمية \ هاشم نعمة

11 – الامارات والتنمية البشرية \ د . محمد بن هويدن

12 - عناصر التوازن الذاتى \

13 – تقارير و دراسات منشورة على الانترنت

تعليقات

‏قال غير معرف…
كم انت رائع .موضوع متكامل مزخرف بصور جميله .والأجمل انها وليدتك ومن رحم كاميرتك الخاصه .يعجبني أسلوبك وطريقة طرحك للموضوع .ونصيحتك الأخيره وضعت في الحسبان .. .. .أعتذر عن تاخري لزيارة الموضوع .ولكن هناك ظروف جافه في العمل الموقت لي .وتعلم ان أعمالنا الموقته التي ننتظر منها شهادة إمتياز أو تزكيه تكون متعبه .عادة ً يراسها مدير قاسي وستاف لا يرحم . تحياتي لك
‏قال Unknown
وان لاتنصروهو فقد نصره الله لاكن مع الاسف لانرا متابعين لهذا الموضوع من المسلمين لان انتشار الاسلام ونصره لايهمهم كثيرا وحتى يرا البعض مع الاسف ان هذه المواضيع مملة بنسبة لهم
gaze viyan

الله خير وابقى ..

نعم البعض تتخطف عيونه الصور السريعة فلا ينظر للاعماق .
الاخ صاحب التعليق الاول ..

كل الحب والود لك .. وشهادتك اعتز بها .

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

عين سورون ( عين الرب )

تداخل العوالم .. بين الادلة و النظريات