المشاركات

تكسير قواعد استلاب الدين

صورة
تكسير قواعد استلاب الدين علي الابراهيمي A1980a24@gmail.com يبتدأ بعض منظري العلمانية مناقشاتهم على الإسلام بعبارات ومقدمات خاطئة ، حين ينسبون مثلاً فكرة ( ان الإسلام دين ودولة ) للمصري ( حسن البنّا ) ، والواقع انها عبارة دينية سماوية لا شأن لوجود او عدم وجود حسن البنّا بوجودها . ففضلاً عن انّ نبي الإسلام ( محمداً ) عليه وآله السلام قد اقام دولة فعلاً ، وهو اعرف بدينه ، وان أصحابه – ولا شأن لنا هنا بنوعيتهم الحقّة او الانقلابية – قد أقاموا دولة ايضاً ، وهم اقرب الناس لفهم رسالته ، وان اوصيائه من الائمة ثبّتوا حاكمية الإسلام نظرياً ، فانّ القرآن – الذي هو المصدر النصّي الدستوري للإسلام – يقول ( ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون ) [1] ، و ( وكتبنا عليهم فيها انّ النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالأنف والاذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدّق به فهو كفّارة له ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون ) [2] ، ( وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيه ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون ) [3] . لذا ليس الوقت الذي ابتدأ فيه حسن الب

بين اليزدي والسيستاني .. سقوط بابل

البريطانيون اعتبروا انزواء الشيخ محمد كاظم اليزدي في بيته إذناً وعلامةً لقمع انتفاضة النجف الأشرف ضدهم عند بداية دخولهم العراق . وقد ارجع المحللون هذا الموقف اليزدي الى احتمالين ، الخوف او التقاء المصالح الخاصة له مع مصالح البريطانيين . لكن النتيجة كانت واحدة دائما ، فقد اندثرت معالم الثورة ، وامست هذه اللحظة بداية لتاريخ جديد ، صار فيه العراق فريسة ، بعد ان كان فارسا . واستلب البدو كنوزه ، فانخفضت نسبة التجار الشيعة من 90 % قبل الاحتلال البريطاني الى 40 % في منتصف الثلاثينات ، وبالطبع ان الأثرياء وحدهم من كانوا يستطيعون تعليم أبناءهم وصنع حضارة مادية . وفي بداية العشرينات انكسرت عرى اوثق حلف قبلي عراقي ( المنتفك ) بعد ان تدهورت عوامل الثقة بين احلافه الثلاث ، إذ انفرد بنو مالك بثورة 1919 م ضد البريطانيين ، وتمزق بنو سعيد الى درجة الإبادة حين تصارعوا بينهم . وانقطعت خيوط التواصل بين الجماهير العراقية وبين الطبقة السياسية ، اللتان كانت تجمعهما أنامل المرجعيات الدينية وحوزاتها ، فراح السياسيون ينفردون بالقرار وينزلقون عن ساحة المراقبة ، وراح الناس يجهلون حقوقهم السياسية . فيما تم

الصراعات القبلية في جنوب العراق

    الكثيرون يعتقدون ان منشأ الصراعات القبلية في جنوب العراق يكمن في التخلّف ورغبة العنف ، لكنّ الحقيقة تقول غير هذا ، كما ان النظرة السلبية لواقع هذه القبائل ليست صحيحة مئة في المئة . ان الشريط القبلي الأكثر عنفاً في جنوب العراق يمتد من حدود بلدية الناصرية حتى مدينة القرنة البصرية ، مارّاً بمنطقة الأهوار ، كما يتفرع باتجاه مدينة العمارة ، وهذا الشريط هو تماماً موطن القبيلتين اللتين شكلتا الدولة المزيدية الشيعية في منتصف حكم العباسيين ، وهما بنو مالك وبنو أسد ، فيما كانت العمارة مقراً لورثة قبيلة طي وهم بنو لام . ان هذه القبائل كانت - ولا تزال بنحو ما – تعتقد ان على عاتقها وظيفة حماية التشيّع ، وهو الممتزج بوطنها العراق ، فكانت قبائل الدولة المزيدية تغطّي المنطقة من جنوب الموصل حتى البصرة ، فيما تغطّي قبيلة بني لام المساحة الممتدة من مدينة العمارة حتى شمال مدينة ديالى على طول الشريط الحدودي الشرقي للعراق . بالتأكيد نحن جزء من الشريط الملتهب لقبائل بني مالك ، والتي أصبحت عنواناً سيئاً لدى البعض ،لكن الحقيقة أن النظرة العامة تجاه هذه القبائل ليست مبنية على واقع تا

التيار وخصخصة التيار

    الوزارات الخدمية حين تكون حرزاً لجهة قوية كالتيار الصدري ، هو في ذات الوقت يتشكّل جماهيراً من افقر فقراء العراق ، سيكون المتوقع منها ان تعطي ما لا تعطيه وزارة أخرى . لكن للأسف كشف الواقع انهياراً للصناعة والطرق وشبكات مياه الصرف ترافق من تقنين مجموعة من السلوكيات غير المحمودة طيلة الفترة التي ادار بها وزراء التيار تلك الوزارات ، فيما كانت المحسوبية والعائلية جوهر عقود المشاريع ، لاسيما المتعلقة بالصرف الصحي ، الامر الذي ادخل وزارة التيار في صراع مع مجالس المحافظات . وكانت النتيجة ان انهارت البنى التحتية من الطرق وتلك الشبكات بالتزامن مع انهيار أسعار النفط ، فظلت المدن – فضلاً – عن القرى بلقعا . ولم يعد مهماً تعرجات وتناقضات التحالفات الصدرية الثرية بعلامات الاستفهام ، من هجوم على الضواري ثم مدحهم ، او الطعن في شخص اياد علاوي ثم عناقه ، او التقاتل مع المالكي ثم التحالف معه ثم التقاتل ثم التحالف ثم المواجهة الإعلامية . لكن الموضوع الأهم كان في انهيار وزارة الصناعة تماماً تحت إدارة التيار ، في ظل نزوات بهاء الاعرجي القاضية بتحويل معامل الوزارة الى واجهة لبضاعته الم

طاولة ترامب والإسلام الوهابي الاموي

( قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ، ودعاه إليه ، فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام ، وقال : يا محمد ، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد ، فدعوهم إلى أمرك ، رجوت أن يستجيبوا لك ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أخشى عليهم أهل نجد ، قال أبو براء . أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو ، أخا بني ساعدة ، المعنق ليموت في أربعين رجلا من أصحابه ، من خيار المسلمين ، منهم : الحارث بن الصمة ، وحرام بن ملحان أخو بني عدي بن النجار ، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق ، في رجال مسمين من خيار المسلمين . فساروا حتى نزلوا ببئر معونة ، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ، كلا البلدين منها قريب ، وهي إلى حرة بني سليم أقرب . فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل ؛ فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتل

أطروحة ابستمولوجية علمانية

ينطلق بعض العلمانيين من منطقة خاطئة للتحقق من مستوى حاجة المعرفة العملية للمعرفة الدينية ، إذ يفترضون ان المعرفة الدينية تشترط معرفة الله في مقاصده وافعاله وطبيعته كقبلية معرفية من الضرورة ان تسبق حركة الانسان القاصر بطبيعته لتأسيس مبانيه الدنيوية . وهم لم يكونوا مخطئين لأسباب مستجدة ، بل لأنهم أسسوا لكون المعرفة الدينية الضرورية منطقياً او ابستامياً ما هي الا المعرفة النظرية الانطولوجية البحتة بالله . وهي تأسيسات واهمة ، لان المعرفة الدينية لا تقدم لله الغني شيئاً ، لكنها ضرورية من حيث الانسان لرفع جهالته بأبعاد محيطه الصغير او الكبير ، من خلال حكيم خبير . ان الإشكال الأكبر الذي يطرحه بعض العلمانيين العرب يتمثل بقولهم ( اذا كانت المعرفة الدينية – وهي عنده مرتبطة بالله بصورة انطولوجية – ضرورية منطقياً ، فاشتقاق المعرفة العملية – التي هي جائزة منطقياً – امر غير ممكن منطقياً ، لان " الضرورة المنطقية صفة وراثية " بمعنى ان الضرورة يجب ان تسري الى الجائز ، وهذا قطعاً يجعله ضرورياً ، وهو امر غير ممكن ) . ان هذا الإشكال باطل منطقياً ايضاً ، وباطل انطولوجياً ، فمن حيث المنط

الاثار المادية للانهيار الروحي

( وقد حثّنا الله تبارك وتعالى على أن نتعامل بيننا –كإخوة مؤمنين- بهذا الأسلوب، قال تعالى: " وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "، أي لا تنسوا معاملة الاخرين بالتفضل والتسامح في كل المعاملات والعلاقات ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: " رحم الله عبداً سَمِحاً إذا باع، سَمِحاً إذا اشترى، سَمِحاً أذا قضى، سَمِحاً أذا اقتضى " ، ولما كان الجزاء يوم القيامة منسجماً مع سلوك الإنسان وعمله في الدنيا، فإن كان متسامحاً في تعامله مع الناس حوسب باليسر والكرم، وإلا شدد عليه مقاصة له لأنه التزم بهذه الطريقة من التعامل في الدنيا، قال تعالى: " فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً " ،  وفي مقابلهم أصحاب الشمال " فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً " ). اكاد اجزم ان للشيخ اليعقوبي في هذا المقطع من كلمته مراداً عملياً للسلوك الإنساني الراهن في عالم ا