ليلة الوحشة


قد جاء ليلٌ ، و المصائبُ جمّةٌ
وجميعُ أطفالِ الحسينِ حواسرُ
وعيونُ زينبَ قد أحاطَ بنورِها
دمعُ المصابِ فلا تصيبُ وتنظرُ
بالبابِ  شمرٌ   ،  يستبدُّ  بخيلِهِ
و نساءُ  حيدرةٍ  تهيمُ  و تُنكرُ
وتُشَبُّ نيرانُ الشماتةِ ، سُجَّراً
فتذوبُ أكبادُ الصغارِ  و تُفطَرُ
و تئنُّ   هاتيكَ   البنات   كأنّها
من فرْطِ حرقتِها تموتُ وتُحشَرُ
وتحارُ نسوانُ الحسينِ لصِبْيَةٍ
ولفقْدِ كافلِهمْ  ،  وكيفَ تخَمَّرُ
قد نامَ طفلٌ في الفلاةِ  ،  فما
أمٌّ تناغي  ،  أو تروحُ وتَحضَرُ
فوقَ  الترابِ  توسَّدَتْ  حدَقاتُهُ
وينوحُ من هولِ المصابِ ويزفرُ
وتدورُ في ذاكَ الظلامِ صغيرةٌ
ترنو أباها ، فالحسينُ سيزهَرُ
وتنامُ في جنبِ الذبيحِ أميرةً
فلعلَّ  كفّاً  للحسينِ  سيشعرُ
و تديرُ  عيناً  للكفيلِ  سَكينةٌ
قد كان بعدَكَ في الحقيقةِ مَحشَرُ
أمْ أينَ جودُكَ قد أراقَ بنا الظما
ماءَ الحياةِ ، وكلُّ رِيقٍ مَنْحَرُ
و يظنُّ طفلٌ أنَّ زينبَ ها هنا
فيجيءُ سعياً والأصابعُ تسعَرُ
و يلوذُ طفلٌ في عباءةِ أمِّهِ
و تلوذُ  أمٌّ  بالصغارِ  ليصبروا
ويفرُّ من نارِ المخيَّمِ بعضُهمْ
ويعودُ من هولِ المَصارِعِ آخرُ
و يفزُّ من وَقْعِ السنابكِ رُضَّعٌ
فتُغلُّ مرضعةُ الصغيرِ وتُكسَرُ
و يشيرُ  طفلٌ  للحسينِ  بكفِّهِ
فيظنُّ  وهماً  أنَّ  عمَّهُ  ينظرُ
ويظلُّ يرقبُ أنْ يجيءَ لزينبٍ
فتملُّ ساعاتُ الصغيرِ ويُقهَرُ
وتروحُ زينبُ للحسينِ تشمُّهُ
و تعودُ أخرى للصغارِ تفرفرُ
و تديرُ  عيناً  للنساءِ  بجنبِها
و تمدُّ  كفَّاً  للخيولِ  و تَنْهَرُ
والعينُ ترقبُ كيفَ حالُ كفيلِها
فتردُّ  ثكلى  والمدامعُ  تمطرُ
وتجسُّ أطرافَ العليلِ تَعودُهُ
أأسيرةٌ ؟ أنّى الصبورةُ تؤسَرُ




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة المعلوماتية عن مدينة الناصرية .. مهد الحضارة ومنطلق الابداع

اعلُ هُبَل

السوط البكتيري وقَبْليات العلم الإلحادية