طاولة ترامب والإسلام الوهابي الاموي
( قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ، ودعاه إليه ، فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام ، وقال : يا محمد ، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد ، فدعوهم إلى أمرك ، رجوت أن يستجيبوا لك ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أخشى عليهم أهل نجد ، قال أبو براء . أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو ، أخا بني ساعدة ، المعنق ليموت في أربعين رجلا من أصحابه ، من خيار المسلمين ، منهم : الحارث بن الصمة ، وحرام بن ملحان أخو بني عدي بن النجار ، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق ، في رجال مسمين من خيار المسلمين . فساروا حتى نزلوا ببئر معونة ، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ، كلا البلدين منها قريب ، وهي إلى حرة بني سليم أقرب . فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل ؛ فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله ، ثم استصرخ عليهم بني عامر ، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا : لن نخفر أبا براء ، وقد عقد لهم عقدا وجوارا ؛ فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم من عصية ورعل وذكوان ، فأجابوه إلى ذلك ، فخرجوا حتى غشوا القوم ، فأحاطوا بهم في رحالهم ، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ، ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم ، يرحمهم الله ، إلا كعب بن زيد ، أخا بني دينار بن النجار ، فإنهم تركوه وبه رمق ، فارتث من بين القتلى ، فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا ... ) ( ابن إسحاق ) .
غدر ( نجد ) وتلاعبها قديم ، كما يظهر من هذه الرواية . لذلك حين ظهر دين ( محمد بن عبد الوهاب ) في ( الدرعية ) من ( نجد ) كان كالدين الأموي ، قائم على ( الملك ) والتحالف بين ( الإمارة ) و ( المشيخة ) ، بمعونة الأجنبي ، الذي كان هنا متمثّلاً ببريطانيا .
كانت دولة ( ال سعود ) شبيهة حد المطابقة لدولة الأمويين ، حيث ( عائلة مالكة ) ، و ( مشيخة مملوكة ) ترى طاعة ولي الامر الظالم واجبة وتحرّم الخروج عليه ، ومسيحيون ويهود اجانب ، يديرون شؤون الدولة ويرعون قيامها . ثمّ الإنفاق على كل مظاهر الفسق والمجون في العالم . الأمراء من الاسرة المالكة هم حكّام الولايات والقادة .
امّا التجسيم الذي كان العامل المشترك الأكبر بين الدولة الأموية والدولة السعودية الوهابية وبين الوثنيين البولصيين فهو ما ورثوه عن ( كعب الأحبار ) . حيث أورد ( الطبري ) في تفسيره : ( ... عن كعب أنه أخبره أن الله تبارك وتعالى قسم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد ، فكلمه موسى مرتين ، ورآه محمد مرتين ) .
ليأتي بعده شيخ اسلامهم ( ابن تيمية ) في كتابه ( تلبيس الجهمية ) مصححاً ومعللاً حديث ( رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء ) . وابن تيمية الحرّاني شيخ الديانة الوّهابية .
ثم ليفتي احد كبار المشيخة الوهابية السعودية ( عبد العزيز بن باز ) بما نصّه ( رؤية الله في الآخرة ثابتة عند أهل السنة والجماعة من أنكرها كفر، يراه المؤمنون يوم القيامة ويرونه في الجنة كما يشاء بإجماع أهل السنة كما قال عز وجل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وقال سبحانه: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله وتواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة وفي الجنة، أما في الدنيا فلا يرى في الدنيا كما قال سبحانه وتعالى: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ . وقال لموسى: لَن تَرَانِي وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((واعلموا أنه لن يرى أحد ربه حتى يموت)) فالدنيا ليست محل الرؤية؛ لأن الرؤية نعيم، رؤية الله أعلى نعيم أهل الجنة وهذه الدار ليست دار النعيم، دار الأكدار ودار الأحزان ودار التكليف فلا يرى في الدنيا لكنه يرى في الآخرة يراه المؤمنون، أما الكفار فهم عنه محجوبون كما قال سبحانه: كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ فالكفار محجوبون عن الله يوم القيامة والمؤمنون يرونه في الآخرة، والصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ير ربه، أما المنافقون فمحل نظر جاء في بعض الروايات ما يدل على أنه يأتي هذا اليوم الأمة وفيها منافقوها لكن ليس فيه الصراحة بأنهم يرونه يوم القيامة ) .
وهذا - لا شكّ - جوهر ما عليه الوثنيات ( الفرعونية - اليهودية السنهدرينية - الأموية ) . لذلك كان اهم ما افرزته الجهود العسكرية والاستخبارية البريطانية حين انشأت الدولة السعودية ، ليصبح التجسيم دينا .
فيما ورثت الدولة السعودية ظاهرة قتل المسلمين المخالفين عن بني أمية في ابشع صورها . فهذا ( رجاء بن حيوة ) اعظم واكبر مفتي الدولة الأموية يفتي لهشام بن عبد الملك بأنّ قتل المسلمين المخالفين اكثر أهمية وضرورة من قتل ( الروم ) الكفّار ! . فقد أورد المؤرخون ما مضمونه ( ولما دخل في نفس هشام بن عبد الملك شيئًا من قتله غيلان وصالح (وكانا يتكلمان في القدر) فقال له رجاء: لقتلهما أحب إلي من قتل ألفين من الروم، وذلك لأن ضررهما على الأمة كبير، وذلك يدل على غزارة فقهه وعلمه ) !! .
ليأتي وثنيو الافتاء السعودي بمثل ذلك في عصرنا ، حيث يفتي شيخهم ( محمد بن صالح العثيمين ) في ( مجموع الفتاوى ) ما في بعض نصّه ( ومن فرقهم الرافضة الذين تشيعوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعاً تشيعاً مفرطاً في الغلو لا يرضاه علي بن أبي طالب ولا غيره من أئمة الهدى، كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء مفرطاً ولاسيما الخليفتان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد قالوا فيهما شيئاً لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 3/356 من مجموع ابن قاسم: "وأصل قول الرافضة أن النبي صلى الله عليه وسلم نصَّ على علي -يعني في الخلافة- نصاً قاطعاً للعذر، وأنه إمام معصوم، ومن خالفه كفر، وأن المهاجرين والأنصار كتموا النص، وكفروا بالإمام المعصوم، واتبعوا أهواءهم، وبدلوا الدين، وغيروا الشريعة، وظلموا واعتدوا، بل كفرواً إلا نفراً قليلاً إما بضعة عشره، أو أكثر، ثم يقولون إن أبا بكر وعمر ونحوهما مازالوا منافقين، وقد يقولون: بل آمنوا ثم كفروا، وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ويسمون أنفسهم المؤمنين، ومن خالفهم كفاراً ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق كزندقة القرامطة والباطنية وأمثالهم ".أ.هـ، وانظر قوله فيهم أيضاً في المجموع المذكور4/428ـ 429. وقال في كتابه القيم: "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" ص951 تحقيق الدكتور ناصر العقل: "والشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء، وأعظمهم شركاً فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم، ولا أبعد عن التوحيد منهم، حتى إنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها من الجماعات والجمعات، ويعمرون المشاهد التي على القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها" ) . وهذا لا شكّ حكم صريح بكفرهم ، واعتبار خطر وجودهم أشد من خطر الكفار واليهود ومجمل أهل الكتاب .
لذلك لا يسع مسلماً محمدياً اليوم ان يعجب من اجتماع هذه الطغمة السلطوية من ملوك وحكّام يرفعون راية الإسلام تحت ظل الإدارة الامريكية ، فاسلامهم مشكوك فيه من تكوينه ، وقد ورثوا لؤم وسوء بني امية ودنيويتهم . واذا كان ال سعود أمويي المنهج والسلوك فباقي المجتمعين من الساسة على طاولة ( ترامب ) ليسوا سوى صائدي كنوز ، باعوا دينهم بدنياهم .
واذا كان ال سعود قد خدعوا جموع البدو التي رافقتهم في ( نشر عقيدة التوحيد ) من الاعراب – الذين هم اشد كفراً ونفاقاً واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله – عند إدخالهم الضابط البريطاني ( فيلبي Philippe ) الى الديار المقدسة بقولهم انه ( اسلم واصبح الحاج فيلبي ) حتى صلى بهم في مكة فلا نعلم عذرهم في ادخال ( ميلانا ترامب ) وابنتها ولا من خمار ، لكن ربما ( الخمر ) ! .
علي الابراهيمي
A1980a24@gmail.com
تعليقات